يعد العمل المسرحي موقف أو وجهة نظر الفنان أو المبدع تجاه الحياة أو المجتمع الذي يعيش فيه , كما أن فن المسرح له خصوصية يوليها في الأهمية بارتباطه الشديد بالحياة والواقع ولا سيما حياتنا المعاصرة. والمسرح العماني بما فيه مسرح الشباب لا ينفصل عن واقعه المعاش , حيث مر المجتمع العماني بطفرة اقتصادية وحضارية تبعها تغير اجتماعي سريع شهده المجتمع العماني. ولقد عكست الدراما العمانية بشكل عام والمسرح بشكل خاص , كل هذه التحولات والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي طرأت على بنية المجتمع العماني بعد ظهور النفط وبعد عصر النهضة عام 1970م . ومن هنا يصبح المسرح وسيلة هامة في رصد حركة التغير هذه وما يصاحبها من مشاكل وما تبرزه من قضايا اجتماعية. كما تصبح النزعة لرصد هذه القضايا والمشاكل مرتبطة عند الكثير من الكتاب برؤية واقعية حرفية وتصبح المشاكل البارزة على السطح هي أهم الموضوعات التي تجتذب كتاب المسرح. ومن خلال قراءتنا للعديد من النصوص المسرحية التي قدمها مسرح الشباب , نجد أن هناك الكثير من قضايا المرأة الاجتماعية قد تكررت في العديد من المسرحيات العمانية , رغم اختلاف كتابها. وسنتطرق في هذا البحث لهذه الظاهرة , وسنحاول معرفة سبب تكرار مثل هذه القضايا.
وسوف يركز البحث على أهم القضايا الاجتماعية التي طرحها مسرح الشباب, ويركز على قضايا المرأة الاجتماعية, وذلك من خلال تحليل نماذج من المسرحيات التي قدمها مسرح الشباب, مع إلقاء الضوء على دور المرأة في حركة المسرح وأهم القضايا التي تعيق انطلاق المرأة في التمثيل المسرحي. بالإضافه إلى وضع تصور لأهم المقترحات التي ت فعل مشاركة المرأة في عالم المسرح العماني. ولتغطية هده الجوانب لا بد من تناول العناصر التالية:
- تاريخ ظهور المرأة في العمل المسرحي.
- أسباب اختفاء المرأة عن عالم المسرح.
- مقترحات لتطويرالحركة المسرحية في السلطنة.
- القضايا الاجتماعية في مسرح الشباب. وقد تم تصنيفها إلى جزءين :
أ- قضايا الزواج
ب- القضايا الأسرية
قضايا المرأة الأكثر انتشارا في مسرح الشباب وجذور هذه القضايا في المجتمع العماني.
المبحث الأول (مدخل) :
نظرة لتاريخ المرأة في المسرح العماني:
تعد المدارس السعيدية الثلاث الموجودة في السلطنة قبل عصر النهضة المباركة (1970) نقطة انطلاق النشاط المسرحي في السلطنة, وهي المدرسة السعيدية في مسقط (1940) والمدرسة السعيدية في مطرح (1959) والمدرسة السعيدية في صلالة (1959). وكان جميع طلاب هذه المدارس السعيدية الثلاث من الذكور فقط, وكانت الفتاة العمانية محرومة من حقها في التعليم في ذلك الوقت, لذا لم تشارك الفتاة العمانية في أي من المحاولات المسرحية التي قدمت في المدارس السعيدية في ذلك الوقت (أي في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين). وبعد عصر النهضة المباركة عام 1970م, نالت المرأة العمانية الكثير من حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة في مختلف الميادين.
ولقد عملت المرأة في مجالات وقطاعات مختلفة وكان من بينها المجال المسرحي, على الرغم من أن النشاط المسرحي كان يعتبر من الأنشطة المحظورة على المرأة نظرا لأسباب دينية واجتماعية, إلا أن المرأة اقتحمت هذا المجال بكل جرأة, وذلك كمحاولة منها لتجد من خلال المسرح وسيلة للتعبير عن ذاتها وعن قضاياها.
لقد كان أول ظهور للمرأة العمانية على خشبة المسرح من خلال مسرح النادي الأهلي في عام 1973م في مسرحية (ظلموني الناس) للكاتب المسرحي محمود شهداد (1).
وقد أجريت عدة مقابلات شخصية لتقصي تاريخ المرأة في العمل المسرحي العماني كان منها:
1- مقابلة مع الفنانة العمانية المعتزلة (عائشة الياس فقير) وقد ذكرت أن هناك مجموعة من النساء كن عضوات في مسرح النادي الأهلي في فترة السبعينيات ومن بينهن : فخرية خميس, أمينة عبد الرسول, حفيظة خميس, نادية مكي, ومنيرة مكي.
2- مقابلة مع المؤلف والممثل والمخرج الإذاعي (طالب محمد البلوشي) أشار إلى أن أول ظهور للمرأة العمانية على خشبة المسرح كان في بداية السبعينيات وقد ذكر أن المرأة العمانية كانت تشارك بالتمثيل والرقص الجماعي في مشاهد العرس كالزفة أو الحناء وغيرها.وقد أضاف أن هناك أكثر من عشرين امرأة ممن كن يعملن في مسرح نادي عمان والنادي الأهلي من بينهن : فخرية خميس, ورحيمة المسافر, أمينة عبد الرسول, بدرية أحمد, ومعصومة الذهب, وكن من الممثلات المعروفات في ذلك الوقت.
3- مقابلة أجراها (صالح الفهدي) مع الممثلة فخرية خميس في مجلة نزوى عام 1995م. أشارت الفنانة (فخرية خميس) إلى أنها بدأت التمثيل في عام 1974م من خلال مسرح النادي الأهلي.
وأشار الفهدي إلى أن هناك ما يقارب من عشرين ممثلة عمانية عملت في فترة السبعينيات في أحد الأندية المسرحية العمانية.
لقد واجه المسرح العماني - ومازال يواجه - مشكلة نقص مشاركة العنصر النسائي في النشاط المسرحي, وتعتبر هذه المشكلة من المشاكل التي تعيق تطور المسرح العماني. وعلى الرغم من أن وضع المرأة العمانية في المجتمع قد تطور بشكل إيجابي بعد عصر النهضة, ووصلت المرأة لمراحل تعليمية متقدمة,إلا أن هناك الكثير من النساء ممن ما زلن لا يؤمن بأهمية دور المسرح في المجتمعات الانسانية, وكانت مشكلة نقص العنصر النسائي هي السبب في إغلاق مسرح النادي الأهلي وتوقف نشاطه عام 1976م.
* أسباب عزوف المرأة عن العمل المسرحي :
إذا بحثنا في الأسباب التي تعيق مشاركة المرأة في المسرح وجدنا انها إما لأسباب دينية أو لأسباب اجتماعية في معظم الأحيان. وأشار عبد الكريم جواد إلى أن معظم الممثلات العمانيات - باستثناء فخرية خميس - يصعب عليهن العمل في المسرح, وأشار إلى أن معظمهن يشاركن في عمل مسرحي واحد أو اثنين فقط ومن ثم ينسحبن ويختفين من الساحة المسرحية وذلك لأسباب اجتماعية في معظم الأحيان.
ومن وجهة نظري أرى أن غالبية أفراد المجتمع العماني ينظرون بسلبية للمرأة العاملة في المجال المسرحي, وخصوصا المرأة الممثلة, لذا نجد أن كثيرا من النساء يحاولن تجنب الشائعات التي تلاحقهن بعد عملهن في المجال المسرحي, ويفضلن الانسحاب خاصة بعد الزواج. وتتفق معي في الرأي كل من الممثلة عائشة الياس فقير والأستاذة (فاطمة الشكيلي)) (في وجهة النظر هذه, فنظرة المجتمع السلبية للممثلات هي التي تدفعهن للاعتزال, وهي نفسها التي تدفع بالكثير من الفتيات العمانيات بعدم العمل في المسرح أصلا وترى الأستاذة فاطمة الشكيلي أن نقص الثقافة المسرحية لدى الجمهور العماني هي التي تدفع بهم إلى التفكير بهذه الطريقة السلبية وعلى الرغم من أن المرأة العمانية وصلت لمراحل علمية وثقافية متقدمة إلا أن كثيرا منهن ما زلن لا يؤمن بأهمية دور المسرح الحضاري.
ويرى كل من الفنان طالب البلوشي والفنانة عائشة الياس فقير أن في الماضي - أي في فترة السبعينيات والثمانينيات - كانت المسرحيات تطرح قضايا مرتبطة بالمجتمع العماني, وتعالج القضايا المحلية, ومشاهدها مأخوذة من واقعه مثل مشهد العرس العماني والحناء ومشاهد الرقصات الشعبية, لذا كان الآباء يسمحون لبناتهم بالتمثيل في مثل هذه المسرحيات, أما في وقتنا الحالي فإن المسرح العماني بدأ يطرح قضايا - من وجهة نظرهم - غريبة وجديدة نوعا ما على المجتمع العماني, ومشاهدها فيها شيء من الانفتاح غير المرغوب فيه من قبل مجتمعنا المحافظ, لذا يرفض أولياء الأمور بأن تشارك بناتهم في مثل هذه العروض المسرحية.
وترى فاطمة الشكيلي أن نقص النصوص الجيدة وقلة الأدوار النسائية الجيدة في النصوص المسرحية هي من أحد الأسباب التي لا تشجع المرأة على العمل المسرحي.
ان الجميع اتفق على أن نقص أو قلة الوعي المسرحي لدى الجمهور هو الذي يدفع بهم لاتخاذ هذه النظرة السلبية عن الفن المسرحي. ويرى الفنان طالب البلوشي أن على المخرجين والممثلين والكتاب أن يقدموا أفضل ما لديهم من نصوص قوية, وأن يتقنوا الأداء المسرحي حتى يغيروا هذه الصورة السلبية عن المسرح. كما يتفق أغلبهم على أن الزواج هو الذي دفع بكثير من الممثلات إلى الاعتزال, إما لرغبة أزواجهن في عدم مواصلة العمل المسرحي أو لرغبتهن الشخصية في التفرغ لأسرتهن.
ومن وجهة نظري أرى أن ضعف الحركة المسرحية في السلطنة, وموسمية العروض المسرحية هي التي تدفع بالمرأة والممثلين بشكل عام للعمل في مجالات أخرى غير المسرح.
وترى عائشة الياس فقير أن قلة الأجور المدفوعة للممثلين بشكل عام تدفع بالممثلات والممثلين للبحث عن وظائف حكومية ذات دخل أكبر. وترى أن الممثل في عمان لا يحصل على دعم معنوي أو مادي كاف بتمسكه لسد حاجاته المادية ولضمان مستقبله.
ولقد لخصنا أسباب عزوف المرأة عن العمل المسرحي ووضحناها من خلال الرسم التوضيحي التالي :
ومن الحلول المقدمة لمعالجة مشكلة نقص المشاركة النسائية في المسرح والدراما التلفزيونية, قام المخرجون العمانيون بالاستعانة بممثلات من دول الخليج المجاورة.
ومن الحلول التي تراها الباحثة مناسبة لمعالجة هذه الظاهرة (نقص العنصر النسائي) نقترح التالي:
1- زيادة جرعات الوعي الثقافي والمسرحي لدى الجمهور العماني, وذلك قد يكون من خلال تدريس مادة المسرح في المدارس وتكوين فرق مسرحية فيها, مما يساعد على تنشئة جيل واع بأهمية رسالة المسرح.
2- رصد جوائز للنصوص المسرحية الجيدة لتشجيع المؤلفين.
3- عمل مهرجانات سنوية للمسرح (الأطفال في المدارس, المسرح الجامعي, مسارح الفرق والمحترفين) وذلك للكشف عن المواهب, ولتنمية المهارات ورعاية الموهوبين,وللقضاء على ظاهرة موسمية العروض المسرحية في السلطنة.
4- المشاركة الجادة في المهرجانات الإقليمية (الخليجية و العربية).
5- رفع أجور الممثلين والممثلات, وتقديم الدعم المعنوي الكافي لهم.
6- تكثيف المحاضرات عن المسرح في مختلف مناطق السلطنة, لتسليط الضوء على أهمية دور المسرح الحضاري, وذلك كخطوة لتغيير الصورة السلبية عن المسرح بشكل عام, والصورة السلبية عن المرأة الممثلة بشكل خاص.
المبحث الثاني:
(القضايا الاجتماعية في مسرح الشباب):
لقد رصد كتاب مسرح الشباب منذ تأسيسه عام 1980م وحتى يومنا هذا حركة التغيير التي شهدها المجتمع العماني بعد ظهور النفط وبعد عصر النهضة المباركة عام 1970م. ولقد تناول هؤلاء الكتاب العديد من القضايا الاجتماعية التي برزت في المجتمع العماني بعد حركة التغيير في البنية الاقتصادية والسياسية والفكرية والاجتماعية للمجتمع.
ولقد قامت الباحثة بتحليل عدة نصوص مسرحية مختلفة من المسرحيات التي قدمها مسرح الشباب والتي تناولت قضايا اجتماعية وفكرية مختلفة. وسنحاول هنا الوقوف عند قضايا المرأة الاجتماعية التي تعرضت لها هذه النصوص, وكيف تناولها وعالجها هؤلاء الكتاب المسرحيون.
ومن خلال قراءتي لهذه النصوص المختلفة التي قدمها مسرح الشباب وجدت أن معظم هذه النصوص تدور حول قضايا اجتماعية يمكن تقسيمها وتصنيفها إلى جزءين:
1- قضايا الزواج, وتشمل :
أ- قضايا الزواج الإجباري.
ب- قضايا غلاء المهور.
ت- قضايا الخيانة الزوجية.
ث- قضايا مشاكل الحياة اليومية.
ج- قضية الطلاق.
ح- قضية تعدد الزوجات.
2- القضايا الأسرية :
أ- قضية التفكك الأسري.
ب- قضية انحراف الأبناء.
ت- قضية صراع الأجيال.
ث- قضية عقوق الوالدين.
وسنورد في هذا البحث نماذج من مسرحيات عالجت هذه القضايا الإجتماعية :
1) قضايا الزواج :
من القضايا الاجتماعية الهامة التي شغلت بال كتاب المسرح العماني هي قضايا الزواج مثل قضية الزواج الإجباري, وقضايا المشاكل والخيانات الزوجية, وقضية غلاء المهور وقضية الطلاق, وقضية تعدد الزوجات, كل هذه القضايا أدرجناها أو صنفناها ضمن قضايا الزواج.
لقد شهد المجتمع العماني بعد عصر النهضة العديد من التحولات في البنية الاجتماعية, فتغيرت الكثير من المفاهيم المتعلقة بموضوع الزواج, فمثلا أصبحت الفتاة العمانية تفضل مواصلة تعليمها وتأخير سن الزواج, بينما في الماضي كانت الفتاة تحرم من مواصلة تعليمها, وتجبر على الزواج في سن مبكرة. كما أن ظاهرة تعدد الزوجات التي كانت بارزة في المجتمع العماني تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة, فأصبح غالبية الشباب العماني يفضل الاكتفاء بزوجة واحدة لتجنب المشاكل التي قد تنجم في حال لم يقم بالعدل بينهن والتي قد تستمر بعد وفاة الزوج سواء فيما يخص الميراث أو غيره. أما بالنسبة لظاهرة الطلاق وغلاء المهور فقد زادت رقعتها اتساعا في المجتمع العماني مؤخرا. فحسب الإحصائيات التي أوردتها وزارة التنمية الاجتماعية أفادت أن معدلات الطلاق قد ارتفعت نسبتها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. كما أن تحسن الاوضاع الاقتصادية في السلطنة بعد عام 0791, وزيادة دخل الفرد العماني, وطغيان الروح المادية على العصر فقد ارتفعت نسبة ظاهرة غلاء المهور, وأصبح بعض أولياء الأمور يغالون في مهور بناتهم ويضعون شروطا تعجيزية للشباب المتقدم للخطبة مما يثقل كاهل الشاب بكثرة المتطلبات المادية, على عكس المهور القليلة والمعقولة التي يشترطها أولياء الأمور في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.
لقد كانت وما زالت ظاهرة الزواج الإجباري من الظواهر الاجتماعية التي تؤرق بال الكثير من كتاب المسرح العماني الذين تناولوا هذه الظاهرة في أعمالهم المسرحية نظرا لإيمانهم بضرورة معالجة هذه الظاهرة لما تسببه من خلق هوة ما بين الفتاة وولي الأمر الذي يجبرها على الزواج, ولما قد يؤدي إليه هذا النوع من الزواج إلى طرق الطلاق بسبب عدم تقبل الفتاة لزوجها منذ البداية.
وعند قراءتنا للنصوص المسرحية المختلفة التي قدمها كتاب مسرح الشباب, لاحظنا أن الكثير من الكتاب المسرحيين تطرقوا لهذه القضية - قضية الزواج الإجباري- في مسرحياتهم, ومن بينهم الكاتب المسرحي عبد الكريم جواد و محمد سعيد الشنفري ومنصور مكاوي و أحمد سعيد الأزكي و محمد الياس فقير.
لقد تناولت مسرحية (السفينة لا تزال واقفة) لعبد الكريم جواد قضية الزواج الإجباري ولقد تناول الكاتب فيها صورة ولي الأمر الذي يجبر ابنته على الزواج, ويتضح ذلك من خلال الاقتباس التالي :
الفتاة : أستفسر عن أمر الخطبة ?
النوخذة : لقد تمت خطبتك وانتهى الأمر.
الفتاة: ولكني لم يسألني أحد عن رأيي.
النوخذة : أمر الفتاة عند ولي أمرها.
الفتاة: ولكني غير موافقة.
النوخذة: الخطبة من مقتضيات المصلحة العامة(2)
بينما في مسرحية (الفلج) للكاتب نفسه, يطرح عبدالكريم صورة أخرى مغايرة لصورة ولي الأمر في مسرحية (السفينة لا تزال واقفة), فنجد الأب (أبو سيف) نموذجا إيجابيا لصورة الأب المتفهم الذي يؤمن بأن البنت لها الحق في اختيار شريك حياتها. تحكي هذه المسرحية عن الشاب (عبود) وهو شاب طموح ومهندس زراعي ويعمل باجتهاد في مزرعته, حيث يتقدم لخطبة (سارة) ابنة الشيخ (أبو سيف) ويبلغه الأب بموافقته المبدئية على الزواج على أن يكون الرأي النهائي لابنته سارة. ويتضح ذلك من خلال الحوار التالي:
عبود : يعني موافق عمي?!
أبو سيف : نعم يا ولدي. أنا موافق مبدئيا وشرطي الوحيد هو أنه توافق بنتي سارة بعد على هذا الزواج.. وبعدين كل الأمور إن شاء الله تتم على خير.(3)
وعندما اتفقا على الموافقة المبدئية على هذا الزواج تطرق (عبود) لموضوع المهر, وشرح ظروفه لأبو سيف بأن إمكانياته بسيطة, وأنه سيحاول الاجتهاد في عمله حتى يستطيع توفير المهر, فكان موقف الأب هنا إيجابيا أيضا حيث تفهم ظروف الشاب وقال:
أبوسيف :يا ولدي يا عبود.. مهر بنتي إذا وافقت على الزواج هو أخلاقك الطيبة.. عرقك وأنت تروي أرضك.. مهر ابنتي محافظتك على أرضك.. وحفيد يورث عنك جدك واجتهادك.(4)
وقد قدمت مسرحية (الفلج) صورة إيجابية للمرأة (سارة) فقد مثلت صورة الفتاة الواعية والحريصة على الحفاظ على الاراضي الزراعية في القرية التي تسكنها, وصورة الفتاة العمانية المعتزة بانتمائها للأرض فبعد وفاة والدها يتسلم أخوها (سيف) زمام الأمور في القرية, فيعتمد اعتمادا كليا على العمالة الوافدة المتمثلة في صورة (جون) مدير أعماله وزوجته الأجنبية (روث) واللذين يطمعان في ثروة (سيف) ويشغلونه عن متابعة أعماله باللهو كالشراب وملاحقة النساء, بينما يقومان باستجلاب المزيد من العمال الوافدين ليحلو محل المزارعين العمانيين في القرية, ويقومان بتحويل مزيد من الأموال المسروقة لرصيدهما في بلادهما.
وفي نهاية المسرحية ينهار الفلج وتتضرر جميع الاراضي الزراعية, ويحتج الأهالي على هذا الوضع ويذهبون برئاسة (عبود) إلى (سيف) ليطلعوه على ما يجري في القرية, وقد كان عبود مترددا في مواجهة سيف بأخطائه ظنا منه أن سارة قد تنزعج منه إذا ما واجه أخاها (سيف), لكنه تفاجأ بأن سارة هي التي تطلب منه مواجهة أخيها (سيف) حتى لا يتضرر أهالي القرية أكثر مما تضرروا لسوء تدبير أخيها وإهماله لأمور قريته.
وبعد أن ينهار الفلج تطلب سارة من عبود أن يكون مهرها هو إعادة بناء الفلج لتعود المياه إلى مجاريها. فقالت مخاطبة عبود :
سارة : سألت أبوي في يوم عن مهري.. أنا مهري إنه يرجع الفلج كما كان.(5)
كما ناقش الكاتب محمد الياس فقير في مسرحية (المنظرة) ظاهرة الزواج الإجباري في المجتمع العماني. فهذه المسرحية تتحدث عن رجل ثري جمع ثروته من هضم حقوق الناس وظلمهم وإجبارهم على بيع ممتلكاتهم له بأرخص الأثمان بعد أن تحاصرهم الديون. وطمعه وجشعه أبعداه عن رؤية الحقيقة وهي أنه لا يوجد من يحبه بصدق,بل أن معظم الناس ينافقونه لثرائه, وهو شخص يعاني من مشاكل نفسية نتيجة كثرة التفكير في مصالحه وجمع المزيد من الأموال, فنجده كثير الوساوس والأحلام والكوابيس المزعجة دائما ما تضايقه, وينشغل عن زوجته وأبنائه بجمع الأموال. وفي نهاية المسرحية يقوم بطرد زوجته, وطرد والده من المنزل الذي جاء ليتوسط لديه لإرجاع زوجته.
لم تتطرق مسرحية المنظرة لقضية الزواج منذ بداية المسرحية, ولم يظهر الكاتب المشاهد التي تصور إجبار الأب لابنته (فاتن) على الزواج, بل أظهر لنا النتائج السلبية للزواج الإجباري مباشرة, فتظهر لنا فاتن مباشرة بأنها مطلقة بعد أن أجبرها والدها على الزواج برجل ثري يكبرها في السن, وكان هذا الزوج يسيء معاملتها ويضربها عندما يكون تحت تأثير الخمر الذي يشربه.ولكن هذا كله جاء على لسان الشخصيات المسرحية على شكل وصفي حواري فقط.
وتظهر فاتن في المشاهد الأخيرة من المسرحية وهي تناقش أخاها خالد حول موضوع طلاقها بسبب زواجها غير المتكافئ من الزوج الذي فرضه والدها عليها.فكان طلاق فاتن هو نتيجة سلبية للزواج غير المتكافئ منذ البداية, ولكن طمع الأب وجشعه, ورغبته في عقد الكثير من الصفقات التجارية مع زوج ابنته المستقبلي, جعله يتعامل مع ابنته فاتن كسلعة, فباعها للزوج الثري ليحقق هو مصالحه وأهدافه المادية.فكانت فاتن ضحية لطمع والدها وجشعه وعدم تفكيره في مستقبلها إذا ما تزوجت من رجل مسن وسكير والحوار التالي يوضح لنا رغبة فاتن في التحرر من سلطة والدها في الأمور التي تتعلق بزواجها :
خالد : تفكري تتزوجي من جديد ?
فاتن : لا زوج يفرضه أبوي علي من جديد.
خالد : عجب سمعي لا تفرحي.. ولا تصدقي حتى في الحلم أنه أبوش بيزوجش شخص تختاريه.. ما يحتاج أذكرش بزواجش السابق.
خالد : لا يا خالد, هذاك كان كابوسا مزعجا .. بعدني ما مصدقة اني اتخلصت منه.
خالد : تعتقدي إنش تخلصتي منه بمحض إرادتش.. لا.. لأنه ما اتفق فقط مع أبوش. كل واحد منهم كان يعتبر الثاني صفقة رابحة له.
فاتن : وأنا إيش ذنبي ? ليش مصير شبابي يضيع على عتبات باب أبوي?. (6)
وهكذا يوضح لنا الحوار السابق مدى معاناة فاتن, ولم تتوقف معاناتها عند هذا الحد, فعندما فكرت في الرجوع إلى حبيبها السابق ابن عمها, يخبرها أخوها خالد بأن والدها لن يوافق على هذا الزواج, لأن والدها يعتبر عمها منافسا له في السوق, وتتأزم مشكلة فاتن عندما يبالغ والدها في ظلمها ويطلب منها العودة إلى زوجها السابق وهي مكرهة, ويصر الأب الجشع ويقول الرجل: الرجال باغي يردش وأنا وافقت.
فاتن : لا يا والدي أنا مستعدة أبقى عانسا لكن ما أتزوج ذاك البعير.
الرجل: البعير بو تقولي عنه وراه فلوس, وأنا محتاج للسيولة.(7)
ولكن إصرار والدها على رجوعها جعل فاتن تصمت, وتنتهي المسرحية بنهاية مفتوحة, ولا نعرف إن كانت فاتن ستواجه والدها وتصمد أمامه أم أنها ستستسلم للظروف وتخضع لها كما خضعت في المرة الأولى.
كما تطرق الكاتب (محمد سعيد الشنفري) في مسرحية (مليونير بالوهم) لمسألة من هو صاحب الحق في اختيار الزواج, هل هي الابنة أم والدها ? ففي هذه المسرحية تفاتح (أم ليلى) ابنتها ليلى بموضوع الزواج, وتقول لها سنبحث لك عن ولد الحلال ولكن بعد إنهاء دراستك, والكاتب هنا قدم لنا صورة إيجابية للأم العمانية التي تبدأ بمناقشة ابنتها حول موضوع زواجها وتعطيها فرصة للاستماع لها. وطرح الكاتب هنا على لسان المرأة (أم ليلى) أن العلم والشهادة هما سلاح في يد الفتاة لتواجه بهما الحياة, وهذا يؤكد ما ذكرناه في البداية من التحولات الفكرية والإجتماعية الإيجابية في المجتمع العماني, ورغبة الفتاة في مواصلة تعليمها.وتؤكد (ليلى) في المسرحية أن لها الحق في اختيار شريك حياتها, ويظهر لنا هذا من خلال الاقتباس التالي :
ليلى: بس أنا في موضوع الزواج من حقي أعرف من هو الإنسان اللي بارتبط فيه.. من حقي ولا..لا ??.(
وتوافق ليلى بمحض إرادتها على الزواج من ابن خالتها (خالد), لكن والدها يقف حائلا دون إتمام هذا الزواج وذلك لرغبته في البحث عن زوج ثري لابنته ظنا منه أنه سيصبح مليونيرا عندما يعثر على الكنز المزعوم في مزرعته. وقد قدم الكاتب لوحة توضح هذه الرغبة القوية لدى الأب :
<< تظهر ليلى مرتدية فستان عرس أبيض.. ويدخل أبو ليلى وقد ارتدى ملابس تنكرية لحيوان وحشي أو لشيطان يحمل معه سكينا>>.
أبو ليلى : تريدين تتزوجيه بدون موافقتي..لا.. لازم تعرفي أنه لا يمكن تتزوجين خالد وأنا بعدني على قيد الحياة. وخالد ما هو لش ولازم تنسيه للأبد..لازم وإلا ذبحتش بهذي السكين ورميتش لكلاب الحارة وسنانيرها. فهمتي..سمعتي.. ايش قلت (يهددها) إنت لازم تتزوجين الرجال اللي أنا أبغاه.. أنا وما حد غيري يحدده.. نعم ماحد غيري يحدده ويختاره.(9)
ونلاحظ أن الكاتب الشنفري قد استخدم وسيلة الحيلة والخداع لحل الأزمة في مسرحيتي (مليونير بالوهم) و(الفأر), وكلتا المسرحيتين اجتماعية كوميدية هادفة. ففي هذه المسرحية قام خالد بالكذب على أبو ليلى, وأبلغه أن المنجم - منجم الذهب - قد انهار, فيصدم ويغمى عليه,فيسعيان لإتمام الزواج, كما أن خالد قد خدعه من قبل أيضا عندما بعث بسلوى (وهي صديقة للأسرة) تبلغهم بأن خالد قد خطب فتاة أخرى من القرية, ويصدق الجميع الكذبة ما عدا ليلى التي كانت قد اتفقت على هذه الحيلة مع كل من سلوى وخالد.
وفي مسرحية (الفأر) ادعت أمينة ابنة حيدر (رجل الأعمال الثري) الجنون أمام عريس جاء لخطبتها مع أسرته, وكان الأب قد وافق على هذا الزواج نظرا لأن العريس غني, ورفض تزويج ابنته أمينة من ابن عمها طاهر الذي تحبة.فتظهر أمينة في المسرحية وهي شاهرة المسدس في وجه من جاء لخطبتها وأسرته الذين ينسحبون بسرعة بعدما صدقا أنها مجنونة بالفعل, وتقوم أمينة بتخريب سلك الهاتف وقطعه عن عمله, ويأتي طاهر وهو متنكر في زي عامل لإصلاح السلك, وفي نهاية المسرحية يكشف عن هويته وتخبرهم أمينة بالحقيقة.
وكلتا الحيلتين اللتين استخدمهما الكاتب كحل للخروج من مشكلة إجبار الأب لابنته على الزواج تؤكدان على أن الكاتب يريد الانتصار في نهاية المسرحيتين لفكرة أن البنت هي الوحيدة صاحبة القرار في موضوع زواجها, وأن ولي الأمر لاحق له في فرض زوج على ابنته. ورغم أن الفكرة التي يريد أن يؤكد عليها الكاتب في كلتا المسرحيتين هي فكرة هادفة وتقدم حلا لهذه المشكلة الاجتماعية, إلا أن هاتين الحيلتين تعتبران هشتين من الناحية المسرحية, لأنها حلول مصطنعة ولا تأتي بشكل منطقي ومتسلسل من داخل الأحداث المسرحية.
وقدمت مسرحية (الفأر) صورة إيجابية للمرأة متمثلة في صورة (أمينة) الفتاة الواعية التي تصر على مواصلة تعليمها وتصر على حقها في اختيار شريك حياتها, ولم تستسلم لرغبة والدها. وقدم لنا الكاتب أيضا في هذه المسرحية صورة (زهرة) الشابة الصغيرة التي تتزوج من حيدر الرجل الثري والمسن الذي يكبر والدها. وكانت زهرة قد أجبرت من قبل والدها على ترك دراستها وزوجها بالإكراه من حيدر بعد أن كانت تريد الارتباط بابنة خالتها الذي تحبه. وتحاول زهرة في المسرحية الانتقام لنفسها من خلال تبذير أموال حيدر دون مراعاة على الكماليات كما أنها تحاول إقناع حيدر بأن يمنع ابنته من مواصلة تعليمها وتزويجها بالإجبار, وذلك لتحطم أمينة كما حطمت هي, وهذا يعكس مدى قدرة الكاتب على رسم الأبعاد النفسية لشخصية زهرة.
ب- قضية غلاء المهور:
لقد ناقش العديد من كتاب مسرح الشباب قضية غلاء المهور في أعمالهم المسرحية, لما لهذه القضية من أهمية في المجتمع العماني, ولما تمثله من معاناة الشباب في تدبير هذا المهر خصوصا إذا غالى الأب في طلباته.
لقد طرحت هذه القضية في مسرحيتي (الراية) و (الطوي) للكاتب منصور مكاوي.
فقضية الزواج وغلاء المهور تفرض نفسها بقوة في مسرحية <<الطوي>>. ففي المشهد الافتتاحي للمسرحية يظهر شابان وهما يودعان(حمد) وهما في طريقهما للمدينة, ويهجران قريتهما ومزارعهما, وعندما يسألهم (حمد) عن سبب رحيلهما, يجيبه الأول بأنه سيذهب للمدينة ليكسب مالا يوفر به مهره بعد ان رفض والده مساعدته في المهر, وبعد ان هدده خاله بأنه
سيزوج ابنته لغيره إذا كان الأخير مقتدرا , وأما الشاب الثاني فيخبر (حمد) انه عمل في مزرعة والده المسن لسنوات بدون مقابل, على أن يدفع له والده مهره في المستقبل, ويتفاجأ الابن بأن والده المسن تزوج هو بهذه الأموال التي جناها من المزرعة بدلا من أن يزوج بها ابنه كما وعده. وهاتان القصتان توضحان حيرة الشباب في كيفية تدبير المهر منذ بداية حياتهم العملية, فلو كانت المهور المطلوبة معقولة ومنطقية لما فكر الشاب فيه كل هذا التفكير المتعب.
وفي هذه المسرحية أيضا يظهر الشايب (خلفان) الذي يعيش بقناعة مع ابنته (فاطمة), وابن اخيه (حمد). وابنته (فاطمة) مخطوبة لابن عمها (حمد) الذي توافق عليه. ويعاني الشايب (خلفان) من أزمه مادية, ويأتي الشايب(سلمان) لزيارته, ويرى بالصدفه ابنته (فاطمة) ويعجب بها, علما بأن الشايب (سلمان) رجل مسن ومريض ولديه ثلاث زوجات, ولكنه شخص ثري, ويعتقد انه طالما كان مقتدرا من الناحيه المادية, فلم لا يتزوج برابعة ?
والاقتباس التالي يوضح لنا محاولة (سلمان) إقناع (خلفان) بفكرة أن البنات هن مصدر جيد للدخل والربح, وتعج ب (خلفان) لهذه الفكرة, ويخبره (سلمان) بأنه زوج بناته من رجال أغنياء وطلب لهن مهورا عالية واستفاد هو منها وبنى عليها ثروته الحالية. وهذا يوضح مدى جشع الأب ومعاملة ابنته كسلعة وكمصدر دخل له على حساب سعادتها وراحتها.
الشيخ سلمان: البنت تريحك عن كورجة صبيان..أنا أخبرك..أنا زوجت ثلاثا من بناتي في الزمن الرخيص.. كل شي رخيص.. إلا البنات حصلت في كل بنت عشرة آلاف..... وشريت سيايير, وكملت العمارة, وسوبر ماركت, ودريور, وخادمة أجنبية الشايب خلفان (يصفق على يديه صارخا ): <<تجارة>>.(10)
وفي مسرحية<< الراية >> لمنصور مكاوي, وهي مسرحية تاريخية تتحدث عن بطولات الإمام الوارث بن كعب الخروصي, وعلى الرغم من ان هذه المسرحية تاريخية الا ان قضية غلاء المهور فرضت نفسها في هذه المسرحية, فيظهر في المسرحية شاب يشتكي عند الإمام الوارث من انه لا يستطيع توفير المهر العالي المطلوب وذلك في حضور والد الفتاة:
الأب (أبو الفتاة): ابغي لها مهرا كغيرها.
الوارث: وكم تريد?
الأب: مائة ناقة وخلفهن عشرون بعيرا... غير ما يدفع قيمته هو بين الناس من الدراهم.
الشاب: والله ماعندي ناقة ولا حمار.....
الوارث: مهر الأنثى صلاة على النبي.. (11).
ويستطيع الوارث في النهاية إقناع الأب بطلب مهر معقول, وبأن يكون هو قدوة للناس.
ج) قضية (الخيانة الزوجية):
لقد ظلت هذه القضية الاجتماعية (الخيانة الزوجية) مهملة أو لم يلتفت لها الكثير من المسرحيين لفترة طويلة على الرغم من أهمية هذه القضية, وما تسببه من هدم العلاقات الأسرية وتماسك الاسرة, وما تجلبه عليها من آفات وأمراض.
ومؤخرا وفي الأعمال المسرحية الأخيرة, سلط الكتـّاب الضوء على هذه المشكلة, ومن بينهم الكاتب (أحمد بن سعيد الأزكي). وذلك في مسرحية <<تحت الرماد>>, وهي مسرحية اجتماعية هادفة تناقش قضية الخيانة الزوجية, والتحرر والتفسخ الأخلاقي والاجتماعي والغزو الثقافي والفكري الأجنبي لمجتمعاتنا المحافظة. فالزوج (ماجد) يقيم علاقة غير شرعية مع خادمته (روز), وتكتشف الزوجة خيانة الزوج لها. ويكتشف الزوج في نهاية المسرحية من انه مصاب بمرض الإيدز, و انه ربما انتقل لزوجته وابنته.
ولقد عكس الكاتب في هذه المسرحية مشاكل العمالة الوافدة, والخادمات بشكل خاص, كما أنه عكس في هذه المسرحية كيف أثرت الطفرة الاقتصادية في المجتمع العماني على الحياة الاجتماعية, وكيف أن ازدياد دخل الفرد أتاح للكثير من الاشخاص كثرة السفر إلى الخارج وتعلم العادات الغريبة على مجتمعنا المحافظ. فــ (ماجد) في هذه المسرحية كان كثير السفر للخارج وكان يقيم علاقات غير شرعية.
وقد تكررت كلمة الخيانة كثيرا على لسان شخصيات المسرحية فها هي الطفلة (ص--فاء) ابنة (ماجد) و(منال) تقول:
منال: لا يكاد عقلي يصدق ما يسمع, أنت تخونني يا ماجد مع التي أأتمنها على منزلي في وجودي وغيابي?
صفاء: ما معنى الخيانة يا أبي? (ماجد يبكي)
منال: (بقوة) أخبرها معنى الخيانة, قل لها, دعها تعرف منذ الآن حتى لا تواجه نفس الموقف في المستقبل, أخبرها... (ماجد يبكي بقوة).(12)
وقد كرر الكاتب كلمة (الخيانة) هنا ليعمق الأثر لدى المشاهد أو القارئ بمدى فداحة وأهمية هذه القضية الاجتماعية وما تجلبه على الأسرة من تفكك ودمار.
وطرحت هذه القضية (قضية الخيانة الزوجية) كقضية ثانوية في مسرحيات أخرى مثل مسرحية <<مليونير بالوهم>> لــ(محمد بن سعيد الشنفري), ومسرحية <<الفأر>> للكاتب نفسه ومسرحية <<الشروط>> لـ(أحمد الأزكي), وغيرها.
وقد اعتاد كـُتّاب المسرح العماني على تصوير خيانة الرجل للمرأة عندما يتطرقون لقضية الخيانة الزوجية, إلا أن الكاتب (محمد الشنفري) في مسرحية <<الفأر>> طرح قضية الخيانة من جانب المرأة. ففي هذه المسرحية تخون (زهرة) الزوجة الشابة زوجها المسن الثري, لأنه كان زواجا غير متكافئ منذ البداية, وكان زواجها من (حيدر) إجباريا, ففي نهاية المسرحية يتم الاتصال بـ(حيدر) من مركز الشرطة على انه تم القبض على زوجته (زهرة) بتهمه اخلاقية, وهنا تقول أمينة (ابنه حيدر):
أمينة: شفت... زوجه أبوي من اصحاب المراكز.. يا فضيحتنا قدام الناس.
طاهر: أمينة لازم تتحملي.. كوني عاقلة وشجاعة, فضيحتها لنفسها, والنهاية هذه نهاية طبيعية.. بنت صغيرة وجميلة, ورجل عجوز.. لا تكافؤ في السن ولا المعرفة ولا في الحالة الاجتماعية, ولا تحبه, وزوجوها له بالقوة.. ايش تتوقعين يصير..? لازم يصير خلل في الميزان, لأني من البداية العدالة كانت مفقودة.. الظلم والقوة والحرمان ولّـد عندها حب الانتقام بأية طريقة حتى تأخد الحق اللي سلبوه منها (13).
د) قضية (المشاكل الزوجية) :
تعد مشاكل الحياة الزوجية من القضايا الحياتية اليومية التي استطاع مسرح الشباب أن يعكسها في عدد من النصوص المسرحية مثل مسرحية<<مليونير بالوهم>> و<<الفأر>> لمحمد الشنفري,ومسرحية <<خيوط العنكبوت>> من إعداد عبد الغفور أحمد البلوشي, و<<المنظرة>> لمحمد الياس فقير.
ففي مسرحية <<خيوط العنكبوت>>تهجر الزوجة (ليلى) بيت الزوجية بعد أن فرضت أم زوجها سيطرتها على حياة ابنها الأسرية. فالأم (زكية) تتطفل على حياة ابنها الشاب, وتفرض وصايتها عليه حتى بعد أن صار ابنها زوجا , مما يغضب الزوجة (ليلى) التي تشعر بأنها محاصرة في بيتها بكثرة الأسئلة والاستفسارات من قبل حماتها.
وفي مسرحية <<الفأر>> لمحمد الشنفري تحصل مشاكل من نوع آخر ما بين الزوجة الشابة (زهرة) وابنة زوجها التي تماثلها في العمر (أمينة). فـ (أمينة) تعترض على سلوكيات(زهرة) غير المسؤولة, كالإسراف والتبذير وإهمال واجباتها كزوجة, وتحاول (زهرة) الانتقام من (أمينة)من خلال إقناع والدها بحرمانها من مواصلة تعليمها وتوجيه الاهانات لها بشكل مستمر.
أما في مسرحية <<المنظرة>> لمحمد الياس فقير, فنجد أن الزوج يظلم زوجته ويسيء معاملتها لأنها دائما تعترض على تصرفاته, مثل ظلمه للناس وهضمه لحقوقهم. وتظهر الزوجة في هذه المسرحية في صورة المرأة الضعيفة المغلوبة على أمرها, فزوجها غني ومتكبر ويهينها حتى أنه طردها ذات مرة من منزلها عندما احتجت على ظلمه لأخيها وبيع أملاكه, وعندما جاء والده لإرجاعها لأسرتها, طردها الزوج المتكبر للمرة الثانية, وطرد والده المسن أيضا .
ه-) قضية (تعدد الزوجات) :
لقد طرح الكاتب (منصور مكاوي) قضية تعدد الزوجات في مسرحية <<الطوي>>,ولكن هذه القضية لم تكن هي الموضوع الرئيسي في المسرحية بل كانت موضوعا ثانويا. فعكست المسرحية من خلال صورة الشايب (سلمان) عقلية بعض الرجال المسنين من الجيل الماضي, وهي أنه طالما أنه إنسان غني وقادر على توفير المهر فلم لا يتزوج بأكثر من زوجة?!.
وهذا ما حصل مع الشايب (سلمان) في مسرحية <<الطوي>>, فهو زوج لثلاث زوجات ويرغب في الزواج برابعة, وهي (فاطمة) ابنة الشايب (خلفان), وهي فتاة صغيرة في السن وفي عمر بناته ورغم أن (سلمان) في الستين من عمره ويعاني من مشاكل صحية, إلا أنه يتجاهل كل هذا ويصر على الزواج بزوجة رابعة طالما أنه قادر على دفع مهرها. وتتضح لنا عقلية الشايب (سلمان) من خلال الاقتباس التالي:
الشايب (سلمان) : عندي ثلاث زوجات, وباغي الرابعة حسب الشرع و الدين.
الشايب (خلفان): وما بترتكب ذنب في حق نفسك بزواجك من أربع?
الشايب (سلمان) : الشرع!
الشايب (خلفان) : الشرع خبرك صحتك أمانة.. وعمرك أمانة.. وأنت مسوي عملية (14).
وتتأكد هذه الفكرة - وهي فكرة الزواج بأخرى طالما أن الرجل مقتدر ماديا - في مسرحية <<مليونير بالوهم>> لمحمد الشنفري, إذ يحلم (أبو ليلى) بالثراء والعيشة المرفهة بعد أن يجد الكنز في مزرعته كما أوهمه الخبير (كارلوس). ويبدأ (أبو ليلى) في تغيير نمط حياته, من الحياة البسيطة التي كان يعيشها إلى الحياة الجديدة التي يتوقعها بعد حصوله على الكنز, ومن الأشياء التي يرغب في تغييرها هو الزواج بزوجة ثانية مثقفة وتهتم بشكلها وتعي نمط الحياة العصرية, وينتقد زوجته (أم ليلى) لعدم اهتمامها بمظهرها الخارجي. هذا ما فكر فيه (أبو ليلى) كخطوة أولى بعد حصوله على الكنز وبعد أن يصبح ثريا .. الزواج بزوجة ثانية! وأراد الكاتب هنا أن يلفت الانتباه إلى فكرة سرعة تخل ي بعض الرجال عن زوجاتهم اللواتي لطالما كافحن مع أزواجهن الفقر وشاركنهم الشدائد بمجرد أن يصبح الرجل ميسور الحال.
2) القضايا الأسرية :
اهتم كتّاب مسرح الشباب بالقضايا الأسرية المختلفة, وطرحوها في العديد من الأعمال المسرحية نظرا لإيمانهم بأن الأسرة هي نواة المجتمع, وأن ما يحصل بين أفراد الأسرة الواحدة هو نموذج مصغّر لما يحصل في المجتمع ككل, وأن صلاح الأسر يعني صلاح المجتمع.
ومن القضايا الأسرية التي تم تناولها في مسرحيات مسارح الشباب قضية التفكك الأسري, وقضية انحراف الأبناء, وانشغال الآباء عن أبنائهم وأسرهم, وقضية صراع الأجيال, وقضية عقوق الوالدين.
أ) قضية (التفكك الأسري) :
برزت ظاهرة التفكك الأسري, ووجود هوة بين أفراد الأسرة الواحدة كظاهرة اجتماعية في المجتمع العماني, ولقد رصد العديد من كتـّاب مسرح الشباب هذه الظاهرة من خلال مسرحياتهم, ومن بينهم عبد الكريم جواد في مسرحية <<جدتنا العزيزة أهلا >>, ومحمد الشنفري في مسرحية <<مليونير بالوهم>> والكاتب محمد الياس فقير في مسرحية <<المنظرة>>.
في مسرحية <<جدتنا العزيزة أهلا>> طرح الكاتب قضية التفكك الأسري من زاوية وجود العمالة الوافدة -والخدم على وجه التحديد- : كوسيط بين أفراد الأسرة الواحدة, مما أدى إلى خلق هوّه بين الأخوة الثلاثة. فعلى سبيل المثال يقوم كل أخ ببعث رسالة شفهية لأخيه الآخر بواسطة الخدم, وكانوا نادرا ما يلتقون ويجتمعون في مكان واحد, فكل واحد منعزل في غرفته الخاصة. وكان ثراء هذه الأسرة والعيشة الرغدة التي ينعم بها أفرادها قد تسبب في خلق حاجز بين أفراد هذه الأسرة, فكل منهم يشعر بالاستقلالية, وبأنه غير محتاج لأخيه الآخر.
وقد طرح الكاتب محمد الياس فقير في مسرحية <<المنظرة>> قضية التفكك الأسري, حيث يصور الكاتب الابنة (فاتن) وهي تشكو حالها للمرآة لأنها تفتقد وجود المستمع المنصت لهمومها ومشاكلها, ويعاني أخوها (خالد) من نفس المشكلة, فحين يتهرب (خالد) من الحديث مع أخته (فاتن) تعاتبه.. فيرد عليها بأنه أيضا لا يجد من يستمع إليه:
خالد: سمعي أنا أخليش مع منظرتش وساير عنش...
فاتن: المنظرة تخدع, ولين متى أبقى مخدوعة.. من فضلك خالد خليك معاي, أنا محتاجة إلى إنسان أكلمه.. الوالدة طردها الوالد.
وبعد عتاب (فاتن) لـ(خالد) يرد قائلا :
خالد: أحس بمشاكلش ? إذا كنت أنا نفسي ما حد حاس بمشاكلي.
فاتن: لكن ليش كذه? ليش الواحد منا ما يحس بمشاكل وظروف الآخر حتى بينا نحن في الأسرة الواحدة?.(15).
وهنا يصور الكاتب معاناة كل من (فاتن) و(خالد) كضحية لأسرة مفككة, وصو ر مدى حاجتهما لوجود من يستمع لهما, فالأب دائم الانشغال بأعماله, كما أنه قام بطرد زوجته (أم فاتن) من المنزل.
ونجد أن العامل المشترك بين مسرحيتي<<جدتنا العزيزة أهلا>> و <<المنظرة>> هو أن سبب التفكك الأسري وعدم وجود الروابط الأسرية المتين بين أفرد الأسرة هو المادة.
ب) قضية (انحراف الأبناء) :
تعاني بعض الأسر العمانية من مشاكل انحراف الأبناء التي غالبا ما تكون بسبب إهمال أولياء الأمور لأبنائهم وانشغالهم عنهم وعدم متابعتهم. ولقد تناول كتـّاب مسرح الشباب قضية إنحراف الأبناء من زاويتين مختلفتين هما: انحراف الأبناء بسبب إهمال أولياء الأمور لهم, أو بسبب غياب صورة الأب المثالي الذي يمثل قدوة صالحه لأبنائه ليحذو حذوه. أو قد ينحرف الابن نتيجة لمرافقته لأصحاب السوء.
ومن أفضل الأمثلة المسرحية التي تصور انحراف الأبناء بسبب غياب القدوة الصالحة المتمثلة في صورة الأب مسرحية <<الشروط>> لأحمد الأزكي, حيث صور فيها الأخوان (ماجدة) و(قيس) اللذين يتحرران في سلوكهما من بعض الضوابط الاجتماعية نتيجة لعدم التزام والدهما بهده الضوابط. فالإبن (قيس) يدخن ويسهر لساعات طويلة ويعود للمنزل في ساعات متأخره من الليل, والإبنة (ماجدة) تقضي وقتا طويلا من الليل على الهاتف تحدث صديقها, الذي أحضرته ذات مرة إلى البيت وتعرّف والديها عليه وتقول لهم بكل جرأه: << هدا صديقي محمود>> ولقد تجرأ كل من (ماجدة) و(قيس) للتصرف على هدا النحو, اقتداء بوالدهما الذي يدخن ويسهر على الهاتف ويخون زوجته مع حبيبته..والاقتباس التالي يوضح لك:
خليل: وتدخن يا قيس, تدخن, تسرق سجائري وتدخنها, وأنا أتساءل دائما لماذا تنقص علبة السجائر كل يوم..
قيس: نعم يا أبي, أدخن مثلما أنت تدخن أيضا , ولا تظن أني خالفتك, بل إنني أدخن نفس النوعية التي تدخنها أنت, حتى لا يقول الناس إنني قد خرجت عن طوع أبي, وخالفت أمره ودربه (16).
ويقف الأب عاجزا عن فعل أي شيء لردع أبنائه عن مثل هذه التصرفات, وذلك لأن أبناءه يهددونه بالكشف لأمهم عن خيانته لها.
وكمثال آخر على انحراف الأبناء بسبب مرافقتهم لأصحاب السوء شخصية(سيف) في مسرحية <<الفلج>> للكاتب عبد الكريم جواد. حيث يعيش (سيف) في المدينة هاجرا أباه وقريته ومنشغلا بلهوه وقضاء وقته مع أصحاب السوء المتمثلين في شخصية (جون) -مدير أعماله- وزوجته (روث) اللذين يسعيان إلى إلهائه عن متابعة شركاته بالخمر والنساء. وتنتهي المسرحية بعودة (سيف) إلى صوابه, ولكن بعد فوات الأوان..بعد أن أفلست جميع شركاته وقيام (جون) وزوجته بسرقة جميع أمواله.
ج) قضية (صراع الأجيال) :
بعد التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي طرأت على المجتمع العماني بعد عام 1970م, كان من الطبيعي أن يتبعها تحولات فكرية وثقافية. فالجيل القديم كان له نمط وأسلوب معيشي يختلف عن النمط المعيشي للأفراد في الوقت الحالي, فحصل نوع من الاصطدام الفكري بين جيل الآباء المحافظ, وجيل الأبناء المتحرر والراغب في التغيير, والذى ينزع إلى التحرر من الكثير من القيم والعادات القديمة التي لا يؤمن بها.
ومن الأعمال المسرحية التي قدمها مسرح الشباب, والتي تصور قضية صراع الأجيال, مسرحية (الشروط) لأحمد الأزكي, ومسرحية (جدتنا العزيزة أهلا) لعبد الكريم جواد.
في مسرحية(جدتنا العزيزة أهلا) يقدم الكاتب صورة الجدة القادمة من القرية إلى المدينة لكي تعيد الأمور إلى نصابها في منزل ولدها (أبو الخير). فالجدة تنتقد الكثير من سلوكيات أحفادها مثل إسرافهم المبالغ فيه, وكسلهم واعتمادهم على الخدم اعتمادا كليا وعدم قضاء أوقات فراغهم فيما يفيد.وتحاول الجدة توجيههم بالإقناع مرة وبجعلهم أمام الأمر الواقع مرات أخرى. ويتضايق الاخوة الثلاثة من تصرفاتها إلا أنهم في نهاية المسرحية يقتنعون بان جدتهم كانت على صواب وانها تريد مصلحتهم.
وفي مسرحية الشروط لأحمد الازكي, طرحت قضية صراع الأجيال في صورة هزلية, متمثلة في تصوير الأجنة التوأم اللذين يتحدثان وهما في بطن أمهما فيرفضان أن يولدا قبل أن يلبي والديهما جميع شروطهما, وكان شرطهما الأول أن يغير الأب الاسمين التقليديين اللذين وضعهما لهما, ويستبدلها بأسماء جديدة يختارونها هما بأنفسهما. ومن شروطهما الأخرى أن يعطيا جميع حقوقهما ويتصرفان كما يحلو لهما. والاقتباس التالي يوضح ذلك:
<<الجنين الأول : أنا أختار اسمي بنفسي. وأعتقد أن هذا حقي لأنه أنا الذي سأنادي به ولست أنت?
خليل (الأب) : عندك حق يا ولدي
الجنين الأول : <<بتعاظم>> لا ينفع الكلام معكم إلا بالقوة. آباء آخر زمن أنا لا زلت في بطن أمي,وأنت تريد أن تفرض سيطرتك علي وتمنعني أبسط حقوقي, وهو اختيار اسمي بنفسي. لم أنزل إلى الأرض بعد وأنت تتصرف معي هكذا, يعلم الله ماذا ستفعل بي بعد ذلك?>>(17)
ومن خلال الاقتباس السابق نرى كيف عالج الكاتب احمد الأزكي قضية صراع الأجيال بأسلوب غير تقليدي وأسلوب نقدي هادف.
د) قضية (عقوق الوالدين):
لم يتطرق الكثير من كتـّاب المسرح العماني لقضية عقوق الوالدين, ربما لأن هذه الظاهرة لم تبرز على السطح لأن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف شددت على هذه القضية ومن المسرحيات القليلة التي ناقشت هذه القضية مسرحية <<المنظرة>> للكاتب محمد الياس فقير, حيث قد م فيها صورة الابن العاق الذي يطرد والده من منزله بعد أن جاء الأخير ليرجوه أن يوافق على عودة زوجته للمنزل بعد أن طردها هذا الابن العاق. ويظهر هذا من الاقتباس التالي:
الرجل(مخاطبا والده) : أبوي من فضلك, أنا ما محتاج إلى دروس ومواعظ, أنا حر في حياتي,لا إنت ولا غيرك يحاسبني على حياتي... أنا خلاص وصلت للقمة, ولا يمكن أرجع للقاع... إذا عجبك كلامي على العين والراس وإذا لا...
الأب : وإذا لا يعني تطردني من البيت... لكن خذ (يحاول أن يرميه بالعصا, إلا أن الرجل العجوز يقع على الأرض وهو يصرخ)... صدري.. صدري.. حسبي الله عليك.. حسبي الله عليك.. (18).
ونلاحظ أن قضية عقوق الوالدين بدأت بالتفاقم في السنوات الأخيرة وللأسف, نظرا لأن الجيل المعاصر ابتعد عن التمسك بالعروة الوثقى.. ديننا الحنيف.. ونأمل أن يسلط كتاب المسرح العماني الضوء على هذه القضية بشكل أكبر.
المبحث الثالث :
قضايا المرأة الاجتماعية الأكثر تكرارا في مسرح الشباب وعلاقة هذه الظاهرة بالمجتمع:
لقد تمت ملاحظة أن هناك عددا من القضايا الاجتماعية التي تمت معالجتها في أكثر من نص مسرحي من نصوص مسرح الشباب, مم يدفعنا إلى التساؤل عن سبب تكرار قضايا اجتماعية محددة في نصوص مسرح الشباب عن غيرها.
ونرى أن تكرار بعض القضايا الاجتماعية في النصوص المسرحية وطرحها أكثر من غيرها إنما يدل على أن هذه القضايا تشكل إلحاحا في الواقع الاجتماعي المعاش. فبروز هذه الظواهر الاجتماعية للسطح في المجتمع جعل كتاب المسرح العماني يلتفتون لها ويطرحونها بكثرة في أعمالهم المسرحية.
وسوف يركز البحث على أهم القضايا الاجتماعية التي طرحها مسرح الشباب, ويركز على قضايا المرأة الاجتماعية, وذلك من خلال تحليل نماذج من المسرحيات التي قدمها مسرح الشباب, مع إلقاء الضوء على دور المرأة في حركة المسرح وأهم القضايا التي تعيق انطلاق المرأة في التمثيل المسرحي. بالإضافه إلى وضع تصور لأهم المقترحات التي ت فعل مشاركة المرأة في عالم المسرح العماني. ولتغطية هده الجوانب لا بد من تناول العناصر التالية:
- تاريخ ظهور المرأة في العمل المسرحي.
- أسباب اختفاء المرأة عن عالم المسرح.
- مقترحات لتطويرالحركة المسرحية في السلطنة.
- القضايا الاجتماعية في مسرح الشباب. وقد تم تصنيفها إلى جزءين :
أ- قضايا الزواج
ب- القضايا الأسرية
قضايا المرأة الأكثر انتشارا في مسرح الشباب وجذور هذه القضايا في المجتمع العماني.
المبحث الأول (مدخل) :
نظرة لتاريخ المرأة في المسرح العماني:
تعد المدارس السعيدية الثلاث الموجودة في السلطنة قبل عصر النهضة المباركة (1970) نقطة انطلاق النشاط المسرحي في السلطنة, وهي المدرسة السعيدية في مسقط (1940) والمدرسة السعيدية في مطرح (1959) والمدرسة السعيدية في صلالة (1959). وكان جميع طلاب هذه المدارس السعيدية الثلاث من الذكور فقط, وكانت الفتاة العمانية محرومة من حقها في التعليم في ذلك الوقت, لذا لم تشارك الفتاة العمانية في أي من المحاولات المسرحية التي قدمت في المدارس السعيدية في ذلك الوقت (أي في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين). وبعد عصر النهضة المباركة عام 1970م, نالت المرأة العمانية الكثير من حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة في مختلف الميادين.
ولقد عملت المرأة في مجالات وقطاعات مختلفة وكان من بينها المجال المسرحي, على الرغم من أن النشاط المسرحي كان يعتبر من الأنشطة المحظورة على المرأة نظرا لأسباب دينية واجتماعية, إلا أن المرأة اقتحمت هذا المجال بكل جرأة, وذلك كمحاولة منها لتجد من خلال المسرح وسيلة للتعبير عن ذاتها وعن قضاياها.
لقد كان أول ظهور للمرأة العمانية على خشبة المسرح من خلال مسرح النادي الأهلي في عام 1973م في مسرحية (ظلموني الناس) للكاتب المسرحي محمود شهداد (1).
وقد أجريت عدة مقابلات شخصية لتقصي تاريخ المرأة في العمل المسرحي العماني كان منها:
1- مقابلة مع الفنانة العمانية المعتزلة (عائشة الياس فقير) وقد ذكرت أن هناك مجموعة من النساء كن عضوات في مسرح النادي الأهلي في فترة السبعينيات ومن بينهن : فخرية خميس, أمينة عبد الرسول, حفيظة خميس, نادية مكي, ومنيرة مكي.
2- مقابلة مع المؤلف والممثل والمخرج الإذاعي (طالب محمد البلوشي) أشار إلى أن أول ظهور للمرأة العمانية على خشبة المسرح كان في بداية السبعينيات وقد ذكر أن المرأة العمانية كانت تشارك بالتمثيل والرقص الجماعي في مشاهد العرس كالزفة أو الحناء وغيرها.وقد أضاف أن هناك أكثر من عشرين امرأة ممن كن يعملن في مسرح نادي عمان والنادي الأهلي من بينهن : فخرية خميس, ورحيمة المسافر, أمينة عبد الرسول, بدرية أحمد, ومعصومة الذهب, وكن من الممثلات المعروفات في ذلك الوقت.
3- مقابلة أجراها (صالح الفهدي) مع الممثلة فخرية خميس في مجلة نزوى عام 1995م. أشارت الفنانة (فخرية خميس) إلى أنها بدأت التمثيل في عام 1974م من خلال مسرح النادي الأهلي.
وأشار الفهدي إلى أن هناك ما يقارب من عشرين ممثلة عمانية عملت في فترة السبعينيات في أحد الأندية المسرحية العمانية.
لقد واجه المسرح العماني - ومازال يواجه - مشكلة نقص مشاركة العنصر النسائي في النشاط المسرحي, وتعتبر هذه المشكلة من المشاكل التي تعيق تطور المسرح العماني. وعلى الرغم من أن وضع المرأة العمانية في المجتمع قد تطور بشكل إيجابي بعد عصر النهضة, ووصلت المرأة لمراحل تعليمية متقدمة,إلا أن هناك الكثير من النساء ممن ما زلن لا يؤمن بأهمية دور المسرح في المجتمعات الانسانية, وكانت مشكلة نقص العنصر النسائي هي السبب في إغلاق مسرح النادي الأهلي وتوقف نشاطه عام 1976م.
* أسباب عزوف المرأة عن العمل المسرحي :
إذا بحثنا في الأسباب التي تعيق مشاركة المرأة في المسرح وجدنا انها إما لأسباب دينية أو لأسباب اجتماعية في معظم الأحيان. وأشار عبد الكريم جواد إلى أن معظم الممثلات العمانيات - باستثناء فخرية خميس - يصعب عليهن العمل في المسرح, وأشار إلى أن معظمهن يشاركن في عمل مسرحي واحد أو اثنين فقط ومن ثم ينسحبن ويختفين من الساحة المسرحية وذلك لأسباب اجتماعية في معظم الأحيان.
ومن وجهة نظري أرى أن غالبية أفراد المجتمع العماني ينظرون بسلبية للمرأة العاملة في المجال المسرحي, وخصوصا المرأة الممثلة, لذا نجد أن كثيرا من النساء يحاولن تجنب الشائعات التي تلاحقهن بعد عملهن في المجال المسرحي, ويفضلن الانسحاب خاصة بعد الزواج. وتتفق معي في الرأي كل من الممثلة عائشة الياس فقير والأستاذة (فاطمة الشكيلي)) (في وجهة النظر هذه, فنظرة المجتمع السلبية للممثلات هي التي تدفعهن للاعتزال, وهي نفسها التي تدفع بالكثير من الفتيات العمانيات بعدم العمل في المسرح أصلا وترى الأستاذة فاطمة الشكيلي أن نقص الثقافة المسرحية لدى الجمهور العماني هي التي تدفع بهم إلى التفكير بهذه الطريقة السلبية وعلى الرغم من أن المرأة العمانية وصلت لمراحل علمية وثقافية متقدمة إلا أن كثيرا منهن ما زلن لا يؤمن بأهمية دور المسرح الحضاري.
ويرى كل من الفنان طالب البلوشي والفنانة عائشة الياس فقير أن في الماضي - أي في فترة السبعينيات والثمانينيات - كانت المسرحيات تطرح قضايا مرتبطة بالمجتمع العماني, وتعالج القضايا المحلية, ومشاهدها مأخوذة من واقعه مثل مشهد العرس العماني والحناء ومشاهد الرقصات الشعبية, لذا كان الآباء يسمحون لبناتهم بالتمثيل في مثل هذه المسرحيات, أما في وقتنا الحالي فإن المسرح العماني بدأ يطرح قضايا - من وجهة نظرهم - غريبة وجديدة نوعا ما على المجتمع العماني, ومشاهدها فيها شيء من الانفتاح غير المرغوب فيه من قبل مجتمعنا المحافظ, لذا يرفض أولياء الأمور بأن تشارك بناتهم في مثل هذه العروض المسرحية.
وترى فاطمة الشكيلي أن نقص النصوص الجيدة وقلة الأدوار النسائية الجيدة في النصوص المسرحية هي من أحد الأسباب التي لا تشجع المرأة على العمل المسرحي.
ان الجميع اتفق على أن نقص أو قلة الوعي المسرحي لدى الجمهور هو الذي يدفع بهم لاتخاذ هذه النظرة السلبية عن الفن المسرحي. ويرى الفنان طالب البلوشي أن على المخرجين والممثلين والكتاب أن يقدموا أفضل ما لديهم من نصوص قوية, وأن يتقنوا الأداء المسرحي حتى يغيروا هذه الصورة السلبية عن المسرح. كما يتفق أغلبهم على أن الزواج هو الذي دفع بكثير من الممثلات إلى الاعتزال, إما لرغبة أزواجهن في عدم مواصلة العمل المسرحي أو لرغبتهن الشخصية في التفرغ لأسرتهن.
ومن وجهة نظري أرى أن ضعف الحركة المسرحية في السلطنة, وموسمية العروض المسرحية هي التي تدفع بالمرأة والممثلين بشكل عام للعمل في مجالات أخرى غير المسرح.
وترى عائشة الياس فقير أن قلة الأجور المدفوعة للممثلين بشكل عام تدفع بالممثلات والممثلين للبحث عن وظائف حكومية ذات دخل أكبر. وترى أن الممثل في عمان لا يحصل على دعم معنوي أو مادي كاف بتمسكه لسد حاجاته المادية ولضمان مستقبله.
ولقد لخصنا أسباب عزوف المرأة عن العمل المسرحي ووضحناها من خلال الرسم التوضيحي التالي :
ومن الحلول المقدمة لمعالجة مشكلة نقص المشاركة النسائية في المسرح والدراما التلفزيونية, قام المخرجون العمانيون بالاستعانة بممثلات من دول الخليج المجاورة.
ومن الحلول التي تراها الباحثة مناسبة لمعالجة هذه الظاهرة (نقص العنصر النسائي) نقترح التالي:
1- زيادة جرعات الوعي الثقافي والمسرحي لدى الجمهور العماني, وذلك قد يكون من خلال تدريس مادة المسرح في المدارس وتكوين فرق مسرحية فيها, مما يساعد على تنشئة جيل واع بأهمية رسالة المسرح.
2- رصد جوائز للنصوص المسرحية الجيدة لتشجيع المؤلفين.
3- عمل مهرجانات سنوية للمسرح (الأطفال في المدارس, المسرح الجامعي, مسارح الفرق والمحترفين) وذلك للكشف عن المواهب, ولتنمية المهارات ورعاية الموهوبين,وللقضاء على ظاهرة موسمية العروض المسرحية في السلطنة.
4- المشاركة الجادة في المهرجانات الإقليمية (الخليجية و العربية).
5- رفع أجور الممثلين والممثلات, وتقديم الدعم المعنوي الكافي لهم.
6- تكثيف المحاضرات عن المسرح في مختلف مناطق السلطنة, لتسليط الضوء على أهمية دور المسرح الحضاري, وذلك كخطوة لتغيير الصورة السلبية عن المسرح بشكل عام, والصورة السلبية عن المرأة الممثلة بشكل خاص.
المبحث الثاني:
(القضايا الاجتماعية في مسرح الشباب):
لقد رصد كتاب مسرح الشباب منذ تأسيسه عام 1980م وحتى يومنا هذا حركة التغيير التي شهدها المجتمع العماني بعد ظهور النفط وبعد عصر النهضة المباركة عام 1970م. ولقد تناول هؤلاء الكتاب العديد من القضايا الاجتماعية التي برزت في المجتمع العماني بعد حركة التغيير في البنية الاقتصادية والسياسية والفكرية والاجتماعية للمجتمع.
ولقد قامت الباحثة بتحليل عدة نصوص مسرحية مختلفة من المسرحيات التي قدمها مسرح الشباب والتي تناولت قضايا اجتماعية وفكرية مختلفة. وسنحاول هنا الوقوف عند قضايا المرأة الاجتماعية التي تعرضت لها هذه النصوص, وكيف تناولها وعالجها هؤلاء الكتاب المسرحيون.
ومن خلال قراءتي لهذه النصوص المختلفة التي قدمها مسرح الشباب وجدت أن معظم هذه النصوص تدور حول قضايا اجتماعية يمكن تقسيمها وتصنيفها إلى جزءين:
1- قضايا الزواج, وتشمل :
أ- قضايا الزواج الإجباري.
ب- قضايا غلاء المهور.
ت- قضايا الخيانة الزوجية.
ث- قضايا مشاكل الحياة اليومية.
ج- قضية الطلاق.
ح- قضية تعدد الزوجات.
2- القضايا الأسرية :
أ- قضية التفكك الأسري.
ب- قضية انحراف الأبناء.
ت- قضية صراع الأجيال.
ث- قضية عقوق الوالدين.
وسنورد في هذا البحث نماذج من مسرحيات عالجت هذه القضايا الإجتماعية :
1) قضايا الزواج :
من القضايا الاجتماعية الهامة التي شغلت بال كتاب المسرح العماني هي قضايا الزواج مثل قضية الزواج الإجباري, وقضايا المشاكل والخيانات الزوجية, وقضية غلاء المهور وقضية الطلاق, وقضية تعدد الزوجات, كل هذه القضايا أدرجناها أو صنفناها ضمن قضايا الزواج.
لقد شهد المجتمع العماني بعد عصر النهضة العديد من التحولات في البنية الاجتماعية, فتغيرت الكثير من المفاهيم المتعلقة بموضوع الزواج, فمثلا أصبحت الفتاة العمانية تفضل مواصلة تعليمها وتأخير سن الزواج, بينما في الماضي كانت الفتاة تحرم من مواصلة تعليمها, وتجبر على الزواج في سن مبكرة. كما أن ظاهرة تعدد الزوجات التي كانت بارزة في المجتمع العماني تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة, فأصبح غالبية الشباب العماني يفضل الاكتفاء بزوجة واحدة لتجنب المشاكل التي قد تنجم في حال لم يقم بالعدل بينهن والتي قد تستمر بعد وفاة الزوج سواء فيما يخص الميراث أو غيره. أما بالنسبة لظاهرة الطلاق وغلاء المهور فقد زادت رقعتها اتساعا في المجتمع العماني مؤخرا. فحسب الإحصائيات التي أوردتها وزارة التنمية الاجتماعية أفادت أن معدلات الطلاق قد ارتفعت نسبتها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. كما أن تحسن الاوضاع الاقتصادية في السلطنة بعد عام 0791, وزيادة دخل الفرد العماني, وطغيان الروح المادية على العصر فقد ارتفعت نسبة ظاهرة غلاء المهور, وأصبح بعض أولياء الأمور يغالون في مهور بناتهم ويضعون شروطا تعجيزية للشباب المتقدم للخطبة مما يثقل كاهل الشاب بكثرة المتطلبات المادية, على عكس المهور القليلة والمعقولة التي يشترطها أولياء الأمور في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.
لقد كانت وما زالت ظاهرة الزواج الإجباري من الظواهر الاجتماعية التي تؤرق بال الكثير من كتاب المسرح العماني الذين تناولوا هذه الظاهرة في أعمالهم المسرحية نظرا لإيمانهم بضرورة معالجة هذه الظاهرة لما تسببه من خلق هوة ما بين الفتاة وولي الأمر الذي يجبرها على الزواج, ولما قد يؤدي إليه هذا النوع من الزواج إلى طرق الطلاق بسبب عدم تقبل الفتاة لزوجها منذ البداية.
وعند قراءتنا للنصوص المسرحية المختلفة التي قدمها كتاب مسرح الشباب, لاحظنا أن الكثير من الكتاب المسرحيين تطرقوا لهذه القضية - قضية الزواج الإجباري- في مسرحياتهم, ومن بينهم الكاتب المسرحي عبد الكريم جواد و محمد سعيد الشنفري ومنصور مكاوي و أحمد سعيد الأزكي و محمد الياس فقير.
لقد تناولت مسرحية (السفينة لا تزال واقفة) لعبد الكريم جواد قضية الزواج الإجباري ولقد تناول الكاتب فيها صورة ولي الأمر الذي يجبر ابنته على الزواج, ويتضح ذلك من خلال الاقتباس التالي :
الفتاة : أستفسر عن أمر الخطبة ?
النوخذة : لقد تمت خطبتك وانتهى الأمر.
الفتاة: ولكني لم يسألني أحد عن رأيي.
النوخذة : أمر الفتاة عند ولي أمرها.
الفتاة: ولكني غير موافقة.
النوخذة: الخطبة من مقتضيات المصلحة العامة(2)
بينما في مسرحية (الفلج) للكاتب نفسه, يطرح عبدالكريم صورة أخرى مغايرة لصورة ولي الأمر في مسرحية (السفينة لا تزال واقفة), فنجد الأب (أبو سيف) نموذجا إيجابيا لصورة الأب المتفهم الذي يؤمن بأن البنت لها الحق في اختيار شريك حياتها. تحكي هذه المسرحية عن الشاب (عبود) وهو شاب طموح ومهندس زراعي ويعمل باجتهاد في مزرعته, حيث يتقدم لخطبة (سارة) ابنة الشيخ (أبو سيف) ويبلغه الأب بموافقته المبدئية على الزواج على أن يكون الرأي النهائي لابنته سارة. ويتضح ذلك من خلال الحوار التالي:
عبود : يعني موافق عمي?!
أبو سيف : نعم يا ولدي. أنا موافق مبدئيا وشرطي الوحيد هو أنه توافق بنتي سارة بعد على هذا الزواج.. وبعدين كل الأمور إن شاء الله تتم على خير.(3)
وعندما اتفقا على الموافقة المبدئية على هذا الزواج تطرق (عبود) لموضوع المهر, وشرح ظروفه لأبو سيف بأن إمكانياته بسيطة, وأنه سيحاول الاجتهاد في عمله حتى يستطيع توفير المهر, فكان موقف الأب هنا إيجابيا أيضا حيث تفهم ظروف الشاب وقال:
أبوسيف :يا ولدي يا عبود.. مهر بنتي إذا وافقت على الزواج هو أخلاقك الطيبة.. عرقك وأنت تروي أرضك.. مهر ابنتي محافظتك على أرضك.. وحفيد يورث عنك جدك واجتهادك.(4)
وقد قدمت مسرحية (الفلج) صورة إيجابية للمرأة (سارة) فقد مثلت صورة الفتاة الواعية والحريصة على الحفاظ على الاراضي الزراعية في القرية التي تسكنها, وصورة الفتاة العمانية المعتزة بانتمائها للأرض فبعد وفاة والدها يتسلم أخوها (سيف) زمام الأمور في القرية, فيعتمد اعتمادا كليا على العمالة الوافدة المتمثلة في صورة (جون) مدير أعماله وزوجته الأجنبية (روث) واللذين يطمعان في ثروة (سيف) ويشغلونه عن متابعة أعماله باللهو كالشراب وملاحقة النساء, بينما يقومان باستجلاب المزيد من العمال الوافدين ليحلو محل المزارعين العمانيين في القرية, ويقومان بتحويل مزيد من الأموال المسروقة لرصيدهما في بلادهما.
وفي نهاية المسرحية ينهار الفلج وتتضرر جميع الاراضي الزراعية, ويحتج الأهالي على هذا الوضع ويذهبون برئاسة (عبود) إلى (سيف) ليطلعوه على ما يجري في القرية, وقد كان عبود مترددا في مواجهة سيف بأخطائه ظنا منه أن سارة قد تنزعج منه إذا ما واجه أخاها (سيف), لكنه تفاجأ بأن سارة هي التي تطلب منه مواجهة أخيها (سيف) حتى لا يتضرر أهالي القرية أكثر مما تضرروا لسوء تدبير أخيها وإهماله لأمور قريته.
وبعد أن ينهار الفلج تطلب سارة من عبود أن يكون مهرها هو إعادة بناء الفلج لتعود المياه إلى مجاريها. فقالت مخاطبة عبود :
سارة : سألت أبوي في يوم عن مهري.. أنا مهري إنه يرجع الفلج كما كان.(5)
كما ناقش الكاتب محمد الياس فقير في مسرحية (المنظرة) ظاهرة الزواج الإجباري في المجتمع العماني. فهذه المسرحية تتحدث عن رجل ثري جمع ثروته من هضم حقوق الناس وظلمهم وإجبارهم على بيع ممتلكاتهم له بأرخص الأثمان بعد أن تحاصرهم الديون. وطمعه وجشعه أبعداه عن رؤية الحقيقة وهي أنه لا يوجد من يحبه بصدق,بل أن معظم الناس ينافقونه لثرائه, وهو شخص يعاني من مشاكل نفسية نتيجة كثرة التفكير في مصالحه وجمع المزيد من الأموال, فنجده كثير الوساوس والأحلام والكوابيس المزعجة دائما ما تضايقه, وينشغل عن زوجته وأبنائه بجمع الأموال. وفي نهاية المسرحية يقوم بطرد زوجته, وطرد والده من المنزل الذي جاء ليتوسط لديه لإرجاع زوجته.
لم تتطرق مسرحية المنظرة لقضية الزواج منذ بداية المسرحية, ولم يظهر الكاتب المشاهد التي تصور إجبار الأب لابنته (فاتن) على الزواج, بل أظهر لنا النتائج السلبية للزواج الإجباري مباشرة, فتظهر لنا فاتن مباشرة بأنها مطلقة بعد أن أجبرها والدها على الزواج برجل ثري يكبرها في السن, وكان هذا الزوج يسيء معاملتها ويضربها عندما يكون تحت تأثير الخمر الذي يشربه.ولكن هذا كله جاء على لسان الشخصيات المسرحية على شكل وصفي حواري فقط.
وتظهر فاتن في المشاهد الأخيرة من المسرحية وهي تناقش أخاها خالد حول موضوع طلاقها بسبب زواجها غير المتكافئ من الزوج الذي فرضه والدها عليها.فكان طلاق فاتن هو نتيجة سلبية للزواج غير المتكافئ منذ البداية, ولكن طمع الأب وجشعه, ورغبته في عقد الكثير من الصفقات التجارية مع زوج ابنته المستقبلي, جعله يتعامل مع ابنته فاتن كسلعة, فباعها للزوج الثري ليحقق هو مصالحه وأهدافه المادية.فكانت فاتن ضحية لطمع والدها وجشعه وعدم تفكيره في مستقبلها إذا ما تزوجت من رجل مسن وسكير والحوار التالي يوضح لنا رغبة فاتن في التحرر من سلطة والدها في الأمور التي تتعلق بزواجها :
خالد : تفكري تتزوجي من جديد ?
فاتن : لا زوج يفرضه أبوي علي من جديد.
خالد : عجب سمعي لا تفرحي.. ولا تصدقي حتى في الحلم أنه أبوش بيزوجش شخص تختاريه.. ما يحتاج أذكرش بزواجش السابق.
خالد : لا يا خالد, هذاك كان كابوسا مزعجا .. بعدني ما مصدقة اني اتخلصت منه.
خالد : تعتقدي إنش تخلصتي منه بمحض إرادتش.. لا.. لأنه ما اتفق فقط مع أبوش. كل واحد منهم كان يعتبر الثاني صفقة رابحة له.
فاتن : وأنا إيش ذنبي ? ليش مصير شبابي يضيع على عتبات باب أبوي?. (6)
وهكذا يوضح لنا الحوار السابق مدى معاناة فاتن, ولم تتوقف معاناتها عند هذا الحد, فعندما فكرت في الرجوع إلى حبيبها السابق ابن عمها, يخبرها أخوها خالد بأن والدها لن يوافق على هذا الزواج, لأن والدها يعتبر عمها منافسا له في السوق, وتتأزم مشكلة فاتن عندما يبالغ والدها في ظلمها ويطلب منها العودة إلى زوجها السابق وهي مكرهة, ويصر الأب الجشع ويقول الرجل: الرجال باغي يردش وأنا وافقت.
فاتن : لا يا والدي أنا مستعدة أبقى عانسا لكن ما أتزوج ذاك البعير.
الرجل: البعير بو تقولي عنه وراه فلوس, وأنا محتاج للسيولة.(7)
ولكن إصرار والدها على رجوعها جعل فاتن تصمت, وتنتهي المسرحية بنهاية مفتوحة, ولا نعرف إن كانت فاتن ستواجه والدها وتصمد أمامه أم أنها ستستسلم للظروف وتخضع لها كما خضعت في المرة الأولى.
كما تطرق الكاتب (محمد سعيد الشنفري) في مسرحية (مليونير بالوهم) لمسألة من هو صاحب الحق في اختيار الزواج, هل هي الابنة أم والدها ? ففي هذه المسرحية تفاتح (أم ليلى) ابنتها ليلى بموضوع الزواج, وتقول لها سنبحث لك عن ولد الحلال ولكن بعد إنهاء دراستك, والكاتب هنا قدم لنا صورة إيجابية للأم العمانية التي تبدأ بمناقشة ابنتها حول موضوع زواجها وتعطيها فرصة للاستماع لها. وطرح الكاتب هنا على لسان المرأة (أم ليلى) أن العلم والشهادة هما سلاح في يد الفتاة لتواجه بهما الحياة, وهذا يؤكد ما ذكرناه في البداية من التحولات الفكرية والإجتماعية الإيجابية في المجتمع العماني, ورغبة الفتاة في مواصلة تعليمها.وتؤكد (ليلى) في المسرحية أن لها الحق في اختيار شريك حياتها, ويظهر لنا هذا من خلال الاقتباس التالي :
ليلى: بس أنا في موضوع الزواج من حقي أعرف من هو الإنسان اللي بارتبط فيه.. من حقي ولا..لا ??.(
وتوافق ليلى بمحض إرادتها على الزواج من ابن خالتها (خالد), لكن والدها يقف حائلا دون إتمام هذا الزواج وذلك لرغبته في البحث عن زوج ثري لابنته ظنا منه أنه سيصبح مليونيرا عندما يعثر على الكنز المزعوم في مزرعته. وقد قدم الكاتب لوحة توضح هذه الرغبة القوية لدى الأب :
<< تظهر ليلى مرتدية فستان عرس أبيض.. ويدخل أبو ليلى وقد ارتدى ملابس تنكرية لحيوان وحشي أو لشيطان يحمل معه سكينا>>.
أبو ليلى : تريدين تتزوجيه بدون موافقتي..لا.. لازم تعرفي أنه لا يمكن تتزوجين خالد وأنا بعدني على قيد الحياة. وخالد ما هو لش ولازم تنسيه للأبد..لازم وإلا ذبحتش بهذي السكين ورميتش لكلاب الحارة وسنانيرها. فهمتي..سمعتي.. ايش قلت (يهددها) إنت لازم تتزوجين الرجال اللي أنا أبغاه.. أنا وما حد غيري يحدده.. نعم ماحد غيري يحدده ويختاره.(9)
ونلاحظ أن الكاتب الشنفري قد استخدم وسيلة الحيلة والخداع لحل الأزمة في مسرحيتي (مليونير بالوهم) و(الفأر), وكلتا المسرحيتين اجتماعية كوميدية هادفة. ففي هذه المسرحية قام خالد بالكذب على أبو ليلى, وأبلغه أن المنجم - منجم الذهب - قد انهار, فيصدم ويغمى عليه,فيسعيان لإتمام الزواج, كما أن خالد قد خدعه من قبل أيضا عندما بعث بسلوى (وهي صديقة للأسرة) تبلغهم بأن خالد قد خطب فتاة أخرى من القرية, ويصدق الجميع الكذبة ما عدا ليلى التي كانت قد اتفقت على هذه الحيلة مع كل من سلوى وخالد.
وفي مسرحية (الفأر) ادعت أمينة ابنة حيدر (رجل الأعمال الثري) الجنون أمام عريس جاء لخطبتها مع أسرته, وكان الأب قد وافق على هذا الزواج نظرا لأن العريس غني, ورفض تزويج ابنته أمينة من ابن عمها طاهر الذي تحبة.فتظهر أمينة في المسرحية وهي شاهرة المسدس في وجه من جاء لخطبتها وأسرته الذين ينسحبون بسرعة بعدما صدقا أنها مجنونة بالفعل, وتقوم أمينة بتخريب سلك الهاتف وقطعه عن عمله, ويأتي طاهر وهو متنكر في زي عامل لإصلاح السلك, وفي نهاية المسرحية يكشف عن هويته وتخبرهم أمينة بالحقيقة.
وكلتا الحيلتين اللتين استخدمهما الكاتب كحل للخروج من مشكلة إجبار الأب لابنته على الزواج تؤكدان على أن الكاتب يريد الانتصار في نهاية المسرحيتين لفكرة أن البنت هي الوحيدة صاحبة القرار في موضوع زواجها, وأن ولي الأمر لاحق له في فرض زوج على ابنته. ورغم أن الفكرة التي يريد أن يؤكد عليها الكاتب في كلتا المسرحيتين هي فكرة هادفة وتقدم حلا لهذه المشكلة الاجتماعية, إلا أن هاتين الحيلتين تعتبران هشتين من الناحية المسرحية, لأنها حلول مصطنعة ولا تأتي بشكل منطقي ومتسلسل من داخل الأحداث المسرحية.
وقدمت مسرحية (الفأر) صورة إيجابية للمرأة متمثلة في صورة (أمينة) الفتاة الواعية التي تصر على مواصلة تعليمها وتصر على حقها في اختيار شريك حياتها, ولم تستسلم لرغبة والدها. وقدم لنا الكاتب أيضا في هذه المسرحية صورة (زهرة) الشابة الصغيرة التي تتزوج من حيدر الرجل الثري والمسن الذي يكبر والدها. وكانت زهرة قد أجبرت من قبل والدها على ترك دراستها وزوجها بالإكراه من حيدر بعد أن كانت تريد الارتباط بابنة خالتها الذي تحبه. وتحاول زهرة في المسرحية الانتقام لنفسها من خلال تبذير أموال حيدر دون مراعاة على الكماليات كما أنها تحاول إقناع حيدر بأن يمنع ابنته من مواصلة تعليمها وتزويجها بالإجبار, وذلك لتحطم أمينة كما حطمت هي, وهذا يعكس مدى قدرة الكاتب على رسم الأبعاد النفسية لشخصية زهرة.
ب- قضية غلاء المهور:
لقد ناقش العديد من كتاب مسرح الشباب قضية غلاء المهور في أعمالهم المسرحية, لما لهذه القضية من أهمية في المجتمع العماني, ولما تمثله من معاناة الشباب في تدبير هذا المهر خصوصا إذا غالى الأب في طلباته.
لقد طرحت هذه القضية في مسرحيتي (الراية) و (الطوي) للكاتب منصور مكاوي.
فقضية الزواج وغلاء المهور تفرض نفسها بقوة في مسرحية <<الطوي>>. ففي المشهد الافتتاحي للمسرحية يظهر شابان وهما يودعان(حمد) وهما في طريقهما للمدينة, ويهجران قريتهما ومزارعهما, وعندما يسألهم (حمد) عن سبب رحيلهما, يجيبه الأول بأنه سيذهب للمدينة ليكسب مالا يوفر به مهره بعد ان رفض والده مساعدته في المهر, وبعد ان هدده خاله بأنه
سيزوج ابنته لغيره إذا كان الأخير مقتدرا , وأما الشاب الثاني فيخبر (حمد) انه عمل في مزرعة والده المسن لسنوات بدون مقابل, على أن يدفع له والده مهره في المستقبل, ويتفاجأ الابن بأن والده المسن تزوج هو بهذه الأموال التي جناها من المزرعة بدلا من أن يزوج بها ابنه كما وعده. وهاتان القصتان توضحان حيرة الشباب في كيفية تدبير المهر منذ بداية حياتهم العملية, فلو كانت المهور المطلوبة معقولة ومنطقية لما فكر الشاب فيه كل هذا التفكير المتعب.
وفي هذه المسرحية أيضا يظهر الشايب (خلفان) الذي يعيش بقناعة مع ابنته (فاطمة), وابن اخيه (حمد). وابنته (فاطمة) مخطوبة لابن عمها (حمد) الذي توافق عليه. ويعاني الشايب (خلفان) من أزمه مادية, ويأتي الشايب(سلمان) لزيارته, ويرى بالصدفه ابنته (فاطمة) ويعجب بها, علما بأن الشايب (سلمان) رجل مسن ومريض ولديه ثلاث زوجات, ولكنه شخص ثري, ويعتقد انه طالما كان مقتدرا من الناحيه المادية, فلم لا يتزوج برابعة ?
والاقتباس التالي يوضح لنا محاولة (سلمان) إقناع (خلفان) بفكرة أن البنات هن مصدر جيد للدخل والربح, وتعج ب (خلفان) لهذه الفكرة, ويخبره (سلمان) بأنه زوج بناته من رجال أغنياء وطلب لهن مهورا عالية واستفاد هو منها وبنى عليها ثروته الحالية. وهذا يوضح مدى جشع الأب ومعاملة ابنته كسلعة وكمصدر دخل له على حساب سعادتها وراحتها.
الشيخ سلمان: البنت تريحك عن كورجة صبيان..أنا أخبرك..أنا زوجت ثلاثا من بناتي في الزمن الرخيص.. كل شي رخيص.. إلا البنات حصلت في كل بنت عشرة آلاف..... وشريت سيايير, وكملت العمارة, وسوبر ماركت, ودريور, وخادمة أجنبية الشايب خلفان (يصفق على يديه صارخا ): <<تجارة>>.(10)
وفي مسرحية<< الراية >> لمنصور مكاوي, وهي مسرحية تاريخية تتحدث عن بطولات الإمام الوارث بن كعب الخروصي, وعلى الرغم من ان هذه المسرحية تاريخية الا ان قضية غلاء المهور فرضت نفسها في هذه المسرحية, فيظهر في المسرحية شاب يشتكي عند الإمام الوارث من انه لا يستطيع توفير المهر العالي المطلوب وذلك في حضور والد الفتاة:
الأب (أبو الفتاة): ابغي لها مهرا كغيرها.
الوارث: وكم تريد?
الأب: مائة ناقة وخلفهن عشرون بعيرا... غير ما يدفع قيمته هو بين الناس من الدراهم.
الشاب: والله ماعندي ناقة ولا حمار.....
الوارث: مهر الأنثى صلاة على النبي.. (11).
ويستطيع الوارث في النهاية إقناع الأب بطلب مهر معقول, وبأن يكون هو قدوة للناس.
ج) قضية (الخيانة الزوجية):
لقد ظلت هذه القضية الاجتماعية (الخيانة الزوجية) مهملة أو لم يلتفت لها الكثير من المسرحيين لفترة طويلة على الرغم من أهمية هذه القضية, وما تسببه من هدم العلاقات الأسرية وتماسك الاسرة, وما تجلبه عليها من آفات وأمراض.
ومؤخرا وفي الأعمال المسرحية الأخيرة, سلط الكتـّاب الضوء على هذه المشكلة, ومن بينهم الكاتب (أحمد بن سعيد الأزكي). وذلك في مسرحية <<تحت الرماد>>, وهي مسرحية اجتماعية هادفة تناقش قضية الخيانة الزوجية, والتحرر والتفسخ الأخلاقي والاجتماعي والغزو الثقافي والفكري الأجنبي لمجتمعاتنا المحافظة. فالزوج (ماجد) يقيم علاقة غير شرعية مع خادمته (روز), وتكتشف الزوجة خيانة الزوج لها. ويكتشف الزوج في نهاية المسرحية من انه مصاب بمرض الإيدز, و انه ربما انتقل لزوجته وابنته.
ولقد عكس الكاتب في هذه المسرحية مشاكل العمالة الوافدة, والخادمات بشكل خاص, كما أنه عكس في هذه المسرحية كيف أثرت الطفرة الاقتصادية في المجتمع العماني على الحياة الاجتماعية, وكيف أن ازدياد دخل الفرد أتاح للكثير من الاشخاص كثرة السفر إلى الخارج وتعلم العادات الغريبة على مجتمعنا المحافظ. فــ (ماجد) في هذه المسرحية كان كثير السفر للخارج وكان يقيم علاقات غير شرعية.
وقد تكررت كلمة الخيانة كثيرا على لسان شخصيات المسرحية فها هي الطفلة (ص--فاء) ابنة (ماجد) و(منال) تقول:
منال: لا يكاد عقلي يصدق ما يسمع, أنت تخونني يا ماجد مع التي أأتمنها على منزلي في وجودي وغيابي?
صفاء: ما معنى الخيانة يا أبي? (ماجد يبكي)
منال: (بقوة) أخبرها معنى الخيانة, قل لها, دعها تعرف منذ الآن حتى لا تواجه نفس الموقف في المستقبل, أخبرها... (ماجد يبكي بقوة).(12)
وقد كرر الكاتب كلمة (الخيانة) هنا ليعمق الأثر لدى المشاهد أو القارئ بمدى فداحة وأهمية هذه القضية الاجتماعية وما تجلبه على الأسرة من تفكك ودمار.
وطرحت هذه القضية (قضية الخيانة الزوجية) كقضية ثانوية في مسرحيات أخرى مثل مسرحية <<مليونير بالوهم>> لــ(محمد بن سعيد الشنفري), ومسرحية <<الفأر>> للكاتب نفسه ومسرحية <<الشروط>> لـ(أحمد الأزكي), وغيرها.
وقد اعتاد كـُتّاب المسرح العماني على تصوير خيانة الرجل للمرأة عندما يتطرقون لقضية الخيانة الزوجية, إلا أن الكاتب (محمد الشنفري) في مسرحية <<الفأر>> طرح قضية الخيانة من جانب المرأة. ففي هذه المسرحية تخون (زهرة) الزوجة الشابة زوجها المسن الثري, لأنه كان زواجا غير متكافئ منذ البداية, وكان زواجها من (حيدر) إجباريا, ففي نهاية المسرحية يتم الاتصال بـ(حيدر) من مركز الشرطة على انه تم القبض على زوجته (زهرة) بتهمه اخلاقية, وهنا تقول أمينة (ابنه حيدر):
أمينة: شفت... زوجه أبوي من اصحاب المراكز.. يا فضيحتنا قدام الناس.
طاهر: أمينة لازم تتحملي.. كوني عاقلة وشجاعة, فضيحتها لنفسها, والنهاية هذه نهاية طبيعية.. بنت صغيرة وجميلة, ورجل عجوز.. لا تكافؤ في السن ولا المعرفة ولا في الحالة الاجتماعية, ولا تحبه, وزوجوها له بالقوة.. ايش تتوقعين يصير..? لازم يصير خلل في الميزان, لأني من البداية العدالة كانت مفقودة.. الظلم والقوة والحرمان ولّـد عندها حب الانتقام بأية طريقة حتى تأخد الحق اللي سلبوه منها (13).
د) قضية (المشاكل الزوجية) :
تعد مشاكل الحياة الزوجية من القضايا الحياتية اليومية التي استطاع مسرح الشباب أن يعكسها في عدد من النصوص المسرحية مثل مسرحية<<مليونير بالوهم>> و<<الفأر>> لمحمد الشنفري,ومسرحية <<خيوط العنكبوت>> من إعداد عبد الغفور أحمد البلوشي, و<<المنظرة>> لمحمد الياس فقير.
ففي مسرحية <<خيوط العنكبوت>>تهجر الزوجة (ليلى) بيت الزوجية بعد أن فرضت أم زوجها سيطرتها على حياة ابنها الأسرية. فالأم (زكية) تتطفل على حياة ابنها الشاب, وتفرض وصايتها عليه حتى بعد أن صار ابنها زوجا , مما يغضب الزوجة (ليلى) التي تشعر بأنها محاصرة في بيتها بكثرة الأسئلة والاستفسارات من قبل حماتها.
وفي مسرحية <<الفأر>> لمحمد الشنفري تحصل مشاكل من نوع آخر ما بين الزوجة الشابة (زهرة) وابنة زوجها التي تماثلها في العمر (أمينة). فـ (أمينة) تعترض على سلوكيات(زهرة) غير المسؤولة, كالإسراف والتبذير وإهمال واجباتها كزوجة, وتحاول (زهرة) الانتقام من (أمينة)من خلال إقناع والدها بحرمانها من مواصلة تعليمها وتوجيه الاهانات لها بشكل مستمر.
أما في مسرحية <<المنظرة>> لمحمد الياس فقير, فنجد أن الزوج يظلم زوجته ويسيء معاملتها لأنها دائما تعترض على تصرفاته, مثل ظلمه للناس وهضمه لحقوقهم. وتظهر الزوجة في هذه المسرحية في صورة المرأة الضعيفة المغلوبة على أمرها, فزوجها غني ومتكبر ويهينها حتى أنه طردها ذات مرة من منزلها عندما احتجت على ظلمه لأخيها وبيع أملاكه, وعندما جاء والده لإرجاعها لأسرتها, طردها الزوج المتكبر للمرة الثانية, وطرد والده المسن أيضا .
ه-) قضية (تعدد الزوجات) :
لقد طرح الكاتب (منصور مكاوي) قضية تعدد الزوجات في مسرحية <<الطوي>>,ولكن هذه القضية لم تكن هي الموضوع الرئيسي في المسرحية بل كانت موضوعا ثانويا. فعكست المسرحية من خلال صورة الشايب (سلمان) عقلية بعض الرجال المسنين من الجيل الماضي, وهي أنه طالما أنه إنسان غني وقادر على توفير المهر فلم لا يتزوج بأكثر من زوجة?!.
وهذا ما حصل مع الشايب (سلمان) في مسرحية <<الطوي>>, فهو زوج لثلاث زوجات ويرغب في الزواج برابعة, وهي (فاطمة) ابنة الشايب (خلفان), وهي فتاة صغيرة في السن وفي عمر بناته ورغم أن (سلمان) في الستين من عمره ويعاني من مشاكل صحية, إلا أنه يتجاهل كل هذا ويصر على الزواج بزوجة رابعة طالما أنه قادر على دفع مهرها. وتتضح لنا عقلية الشايب (سلمان) من خلال الاقتباس التالي:
الشايب (سلمان) : عندي ثلاث زوجات, وباغي الرابعة حسب الشرع و الدين.
الشايب (خلفان): وما بترتكب ذنب في حق نفسك بزواجك من أربع?
الشايب (سلمان) : الشرع!
الشايب (خلفان) : الشرع خبرك صحتك أمانة.. وعمرك أمانة.. وأنت مسوي عملية (14).
وتتأكد هذه الفكرة - وهي فكرة الزواج بأخرى طالما أن الرجل مقتدر ماديا - في مسرحية <<مليونير بالوهم>> لمحمد الشنفري, إذ يحلم (أبو ليلى) بالثراء والعيشة المرفهة بعد أن يجد الكنز في مزرعته كما أوهمه الخبير (كارلوس). ويبدأ (أبو ليلى) في تغيير نمط حياته, من الحياة البسيطة التي كان يعيشها إلى الحياة الجديدة التي يتوقعها بعد حصوله على الكنز, ومن الأشياء التي يرغب في تغييرها هو الزواج بزوجة ثانية مثقفة وتهتم بشكلها وتعي نمط الحياة العصرية, وينتقد زوجته (أم ليلى) لعدم اهتمامها بمظهرها الخارجي. هذا ما فكر فيه (أبو ليلى) كخطوة أولى بعد حصوله على الكنز وبعد أن يصبح ثريا .. الزواج بزوجة ثانية! وأراد الكاتب هنا أن يلفت الانتباه إلى فكرة سرعة تخل ي بعض الرجال عن زوجاتهم اللواتي لطالما كافحن مع أزواجهن الفقر وشاركنهم الشدائد بمجرد أن يصبح الرجل ميسور الحال.
2) القضايا الأسرية :
اهتم كتّاب مسرح الشباب بالقضايا الأسرية المختلفة, وطرحوها في العديد من الأعمال المسرحية نظرا لإيمانهم بأن الأسرة هي نواة المجتمع, وأن ما يحصل بين أفراد الأسرة الواحدة هو نموذج مصغّر لما يحصل في المجتمع ككل, وأن صلاح الأسر يعني صلاح المجتمع.
ومن القضايا الأسرية التي تم تناولها في مسرحيات مسارح الشباب قضية التفكك الأسري, وقضية انحراف الأبناء, وانشغال الآباء عن أبنائهم وأسرهم, وقضية صراع الأجيال, وقضية عقوق الوالدين.
أ) قضية (التفكك الأسري) :
برزت ظاهرة التفكك الأسري, ووجود هوة بين أفراد الأسرة الواحدة كظاهرة اجتماعية في المجتمع العماني, ولقد رصد العديد من كتـّاب مسرح الشباب هذه الظاهرة من خلال مسرحياتهم, ومن بينهم عبد الكريم جواد في مسرحية <<جدتنا العزيزة أهلا >>, ومحمد الشنفري في مسرحية <<مليونير بالوهم>> والكاتب محمد الياس فقير في مسرحية <<المنظرة>>.
في مسرحية <<جدتنا العزيزة أهلا>> طرح الكاتب قضية التفكك الأسري من زاوية وجود العمالة الوافدة -والخدم على وجه التحديد- : كوسيط بين أفراد الأسرة الواحدة, مما أدى إلى خلق هوّه بين الأخوة الثلاثة. فعلى سبيل المثال يقوم كل أخ ببعث رسالة شفهية لأخيه الآخر بواسطة الخدم, وكانوا نادرا ما يلتقون ويجتمعون في مكان واحد, فكل واحد منعزل في غرفته الخاصة. وكان ثراء هذه الأسرة والعيشة الرغدة التي ينعم بها أفرادها قد تسبب في خلق حاجز بين أفراد هذه الأسرة, فكل منهم يشعر بالاستقلالية, وبأنه غير محتاج لأخيه الآخر.
وقد طرح الكاتب محمد الياس فقير في مسرحية <<المنظرة>> قضية التفكك الأسري, حيث يصور الكاتب الابنة (فاتن) وهي تشكو حالها للمرآة لأنها تفتقد وجود المستمع المنصت لهمومها ومشاكلها, ويعاني أخوها (خالد) من نفس المشكلة, فحين يتهرب (خالد) من الحديث مع أخته (فاتن) تعاتبه.. فيرد عليها بأنه أيضا لا يجد من يستمع إليه:
خالد: سمعي أنا أخليش مع منظرتش وساير عنش...
فاتن: المنظرة تخدع, ولين متى أبقى مخدوعة.. من فضلك خالد خليك معاي, أنا محتاجة إلى إنسان أكلمه.. الوالدة طردها الوالد.
وبعد عتاب (فاتن) لـ(خالد) يرد قائلا :
خالد: أحس بمشاكلش ? إذا كنت أنا نفسي ما حد حاس بمشاكلي.
فاتن: لكن ليش كذه? ليش الواحد منا ما يحس بمشاكل وظروف الآخر حتى بينا نحن في الأسرة الواحدة?.(15).
وهنا يصور الكاتب معاناة كل من (فاتن) و(خالد) كضحية لأسرة مفككة, وصو ر مدى حاجتهما لوجود من يستمع لهما, فالأب دائم الانشغال بأعماله, كما أنه قام بطرد زوجته (أم فاتن) من المنزل.
ونجد أن العامل المشترك بين مسرحيتي<<جدتنا العزيزة أهلا>> و <<المنظرة>> هو أن سبب التفكك الأسري وعدم وجود الروابط الأسرية المتين بين أفرد الأسرة هو المادة.
ب) قضية (انحراف الأبناء) :
تعاني بعض الأسر العمانية من مشاكل انحراف الأبناء التي غالبا ما تكون بسبب إهمال أولياء الأمور لأبنائهم وانشغالهم عنهم وعدم متابعتهم. ولقد تناول كتـّاب مسرح الشباب قضية إنحراف الأبناء من زاويتين مختلفتين هما: انحراف الأبناء بسبب إهمال أولياء الأمور لهم, أو بسبب غياب صورة الأب المثالي الذي يمثل قدوة صالحه لأبنائه ليحذو حذوه. أو قد ينحرف الابن نتيجة لمرافقته لأصحاب السوء.
ومن أفضل الأمثلة المسرحية التي تصور انحراف الأبناء بسبب غياب القدوة الصالحة المتمثلة في صورة الأب مسرحية <<الشروط>> لأحمد الأزكي, حيث صور فيها الأخوان (ماجدة) و(قيس) اللذين يتحرران في سلوكهما من بعض الضوابط الاجتماعية نتيجة لعدم التزام والدهما بهده الضوابط. فالإبن (قيس) يدخن ويسهر لساعات طويلة ويعود للمنزل في ساعات متأخره من الليل, والإبنة (ماجدة) تقضي وقتا طويلا من الليل على الهاتف تحدث صديقها, الذي أحضرته ذات مرة إلى البيت وتعرّف والديها عليه وتقول لهم بكل جرأه: << هدا صديقي محمود>> ولقد تجرأ كل من (ماجدة) و(قيس) للتصرف على هدا النحو, اقتداء بوالدهما الذي يدخن ويسهر على الهاتف ويخون زوجته مع حبيبته..والاقتباس التالي يوضح لك:
خليل: وتدخن يا قيس, تدخن, تسرق سجائري وتدخنها, وأنا أتساءل دائما لماذا تنقص علبة السجائر كل يوم..
قيس: نعم يا أبي, أدخن مثلما أنت تدخن أيضا , ولا تظن أني خالفتك, بل إنني أدخن نفس النوعية التي تدخنها أنت, حتى لا يقول الناس إنني قد خرجت عن طوع أبي, وخالفت أمره ودربه (16).
ويقف الأب عاجزا عن فعل أي شيء لردع أبنائه عن مثل هذه التصرفات, وذلك لأن أبناءه يهددونه بالكشف لأمهم عن خيانته لها.
وكمثال آخر على انحراف الأبناء بسبب مرافقتهم لأصحاب السوء شخصية(سيف) في مسرحية <<الفلج>> للكاتب عبد الكريم جواد. حيث يعيش (سيف) في المدينة هاجرا أباه وقريته ومنشغلا بلهوه وقضاء وقته مع أصحاب السوء المتمثلين في شخصية (جون) -مدير أعماله- وزوجته (روث) اللذين يسعيان إلى إلهائه عن متابعة شركاته بالخمر والنساء. وتنتهي المسرحية بعودة (سيف) إلى صوابه, ولكن بعد فوات الأوان..بعد أن أفلست جميع شركاته وقيام (جون) وزوجته بسرقة جميع أمواله.
ج) قضية (صراع الأجيال) :
بعد التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي طرأت على المجتمع العماني بعد عام 1970م, كان من الطبيعي أن يتبعها تحولات فكرية وثقافية. فالجيل القديم كان له نمط وأسلوب معيشي يختلف عن النمط المعيشي للأفراد في الوقت الحالي, فحصل نوع من الاصطدام الفكري بين جيل الآباء المحافظ, وجيل الأبناء المتحرر والراغب في التغيير, والذى ينزع إلى التحرر من الكثير من القيم والعادات القديمة التي لا يؤمن بها.
ومن الأعمال المسرحية التي قدمها مسرح الشباب, والتي تصور قضية صراع الأجيال, مسرحية (الشروط) لأحمد الأزكي, ومسرحية (جدتنا العزيزة أهلا) لعبد الكريم جواد.
في مسرحية(جدتنا العزيزة أهلا) يقدم الكاتب صورة الجدة القادمة من القرية إلى المدينة لكي تعيد الأمور إلى نصابها في منزل ولدها (أبو الخير). فالجدة تنتقد الكثير من سلوكيات أحفادها مثل إسرافهم المبالغ فيه, وكسلهم واعتمادهم على الخدم اعتمادا كليا وعدم قضاء أوقات فراغهم فيما يفيد.وتحاول الجدة توجيههم بالإقناع مرة وبجعلهم أمام الأمر الواقع مرات أخرى. ويتضايق الاخوة الثلاثة من تصرفاتها إلا أنهم في نهاية المسرحية يقتنعون بان جدتهم كانت على صواب وانها تريد مصلحتهم.
وفي مسرحية الشروط لأحمد الازكي, طرحت قضية صراع الأجيال في صورة هزلية, متمثلة في تصوير الأجنة التوأم اللذين يتحدثان وهما في بطن أمهما فيرفضان أن يولدا قبل أن يلبي والديهما جميع شروطهما, وكان شرطهما الأول أن يغير الأب الاسمين التقليديين اللذين وضعهما لهما, ويستبدلها بأسماء جديدة يختارونها هما بأنفسهما. ومن شروطهما الأخرى أن يعطيا جميع حقوقهما ويتصرفان كما يحلو لهما. والاقتباس التالي يوضح ذلك:
<<الجنين الأول : أنا أختار اسمي بنفسي. وأعتقد أن هذا حقي لأنه أنا الذي سأنادي به ولست أنت?
خليل (الأب) : عندك حق يا ولدي
الجنين الأول : <<بتعاظم>> لا ينفع الكلام معكم إلا بالقوة. آباء آخر زمن أنا لا زلت في بطن أمي,وأنت تريد أن تفرض سيطرتك علي وتمنعني أبسط حقوقي, وهو اختيار اسمي بنفسي. لم أنزل إلى الأرض بعد وأنت تتصرف معي هكذا, يعلم الله ماذا ستفعل بي بعد ذلك?>>(17)
ومن خلال الاقتباس السابق نرى كيف عالج الكاتب احمد الأزكي قضية صراع الأجيال بأسلوب غير تقليدي وأسلوب نقدي هادف.
د) قضية (عقوق الوالدين):
لم يتطرق الكثير من كتـّاب المسرح العماني لقضية عقوق الوالدين, ربما لأن هذه الظاهرة لم تبرز على السطح لأن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف شددت على هذه القضية ومن المسرحيات القليلة التي ناقشت هذه القضية مسرحية <<المنظرة>> للكاتب محمد الياس فقير, حيث قد م فيها صورة الابن العاق الذي يطرد والده من منزله بعد أن جاء الأخير ليرجوه أن يوافق على عودة زوجته للمنزل بعد أن طردها هذا الابن العاق. ويظهر هذا من الاقتباس التالي:
الرجل(مخاطبا والده) : أبوي من فضلك, أنا ما محتاج إلى دروس ومواعظ, أنا حر في حياتي,لا إنت ولا غيرك يحاسبني على حياتي... أنا خلاص وصلت للقمة, ولا يمكن أرجع للقاع... إذا عجبك كلامي على العين والراس وإذا لا...
الأب : وإذا لا يعني تطردني من البيت... لكن خذ (يحاول أن يرميه بالعصا, إلا أن الرجل العجوز يقع على الأرض وهو يصرخ)... صدري.. صدري.. حسبي الله عليك.. حسبي الله عليك.. (18).
ونلاحظ أن قضية عقوق الوالدين بدأت بالتفاقم في السنوات الأخيرة وللأسف, نظرا لأن الجيل المعاصر ابتعد عن التمسك بالعروة الوثقى.. ديننا الحنيف.. ونأمل أن يسلط كتاب المسرح العماني الضوء على هذه القضية بشكل أكبر.
المبحث الثالث :
قضايا المرأة الاجتماعية الأكثر تكرارا في مسرح الشباب وعلاقة هذه الظاهرة بالمجتمع:
لقد تمت ملاحظة أن هناك عددا من القضايا الاجتماعية التي تمت معالجتها في أكثر من نص مسرحي من نصوص مسرح الشباب, مم يدفعنا إلى التساؤل عن سبب تكرار قضايا اجتماعية محددة في نصوص مسرح الشباب عن غيرها.
ونرى أن تكرار بعض القضايا الاجتماعية في النصوص المسرحية وطرحها أكثر من غيرها إنما يدل على أن هذه القضايا تشكل إلحاحا في الواقع الاجتماعي المعاش. فبروز هذه الظواهر الاجتماعية للسطح في المجتمع جعل كتاب المسرح العماني يلتفتون لها ويطرحونها بكثرة في أعمالهم المسرحية.