أسباب ظاهرة الأطفال المشردين
عرفت جل المجتمعات وفي فترات مختلفة، ظهور أطفال يجوبون الشوارع والأحياء بحثاً عن لقمة العيش. إما برفقة آبائهم، أو منفردين، أحياناً يطلبون الشغل وأخرى يتسولون. إلا أن ماهو جديد اليوم، هو تسكع هؤلاء الأطفال في شكل جماعات لها ثقافتها وطقوسها، وأصبحوا يمثلون ظاهرة متميزة تكاد تكون خاصة بالمدن الكبرى، توصف بظاهرة " الأطفال المشردين" أو" أطفال الشوارع".
وقد رافق استفحال هذه الظاهرة، ازدياد الوعي البشري بمفهوم الطفولة وتنامي ثقافة كونية حول حقوق الإنسان والطفل، حيث إن العلم الحديث اهتم بمظاهر النمو الجسمية والعقلية والعاطفية، وتكرس شبه اتفاق بين العلوم الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية على اعتبار سن الطفولة ممتدة إلى حدود السادسة أو الثامنة عشرة من العمر، أي إلى حين تكامل مراحل النمو، وبالتالي بداية السن القانونية للشغل... .
وقد تبلور هذا الوعي بشكل شمولي في إطار اتفاقية حول حقوق الطفل تقر.
"بأن الطفل، كي تترعرع شخصيته بشكل كامل ومتناسق، ينبغي أن ينشأ في بيئة أسرية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم"(1).
إذن، من جهة هناك اهتمام متزايد بمرحلة الطفولة، ومن جهة ثانية استفحال ظــاهرة"أطفال الشوارع" التي تتخذ أحياناً مظاهر مأساوية تجمع بين الإهمال والتهميش والتشرد والتسكع بصفة منتظمة في الشوارع الخلفية للعواصم والمدن الكبرى، حيث يعتمد هؤلاء المشردون على أنفسهم في سد كل حاجاتهم اليومية، بدون أن يكون لهم عائل أو مأوى(2).
ولاتقتصر هذه الظاهرة على بلد معين، بل تشمل كل القارات، إنها تكثر في دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وتظهر بشكل أقل حدة في أوروبا واستراليا، وإجمالاًً فإن عدد هؤلاء الأطفال المشردين كان يتجاوز المائة مليون طفل في سنة 1996.
تبين لنا من التحليل السابق، أن ظاهرة الأطفال المشردين من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تميز النصف الثاني من القرن العشرين، وتبرز هذه الخطورة في:
ـ خصوصية الظاهرة وارتباطها بمرحلة محددة هي مرحلة الطفولة.
ـ حجم الظاهرة وامتداداتها الجغرافية التي تشمل دولاً عديدة في القارات الخمس.
ـ تعقد الظاهرة بتدخل عوامل موضوعية وذاتية.
وقد أفرزت هذه الظاهرة ردود فعل اجتماعية كثيرة، تتباين مواقفها بين السلبي والإيجابي فهناك:
الاتجاه السلبي
ويعبر عن وجهة نظر المتضررين المباشرين من هذه الظاهرة، وكذلك المستغلين للأطفال المشردين، وتقوم وجهة النظر عند هذا الاتجاه على ضرورة القيام بأعمال "تطهيرية" لتنظيف" المجتمع" من كل"العناصر المضرة" وقد ذهب أصحاب هذا الاتجاه بعيداً في تنفيذ وجهة نظرهم بالعمل على تنظيم مايسمى "بفيالق الموت"، وقد تم بالفعل الشروع في تنفيد مخططاتهم منذ أواسط الثمانينات باغتيال الأطفال المشردين، وبخاصة في شوارع مدن أمريكا اللاتينية، وانتقلت العدوى بعد ذلك إلى أوروبا لتطال المشردين الكبار في باريس ولندن مثلاً.
الاتجاه الإيجابي
ويعبر بالمقابل عن وجهة نظر ذات بعد إنساني شاركت في بلورتها جمعيات مختلفة ذات منحى ديني أو مدني مدعومة بأموال المنظمات غير الحكومية، كما التحقت بها بعد ذلك منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، وبعض المنظمات الإقليمية ( المجلس العربي للطفولة مثالاً) والجمعيات الحقوقية الدولية (منظمة العفو الدولية...).
وقد حاول هذا الاتجاه أن يبني أنشطته على استراتيجية ذات بعد إنساني، وتحاول مساعدة المتضررين بتقديم كل أشكال المساعدة الممكنة للخروج بهم من الوضعية الصعبة التي يوجدون فيها، ومحاولة إعادة إدماجهم من جديد في مجتمعاتهم الأصلية.
ويلاحظ أن الاتجاه الأول بدأ يضعف تحت تأثير الرأي العام والضمير الإنساني، بدون أن يختفي نهائياًً، في حين تعزز الاتجاه الثاني واستمر في نشاطه، وهو إن كان لم يصل إلى مرحلة القضاء على أسباب الظاهرة، ولم يحد من حجم انتشارها، فإنه على الأقل أسهم بشكل فعال في إثارة انتباه الرأي العالمي لخطورة الظاهرة والوعي بمشكلات الأطفال المشردين والأوساط التي ينحدرون منها.
وقد انصب عمل هذا الاتجاه على عدة واجهات، وبدأت عدة تجارب ترى النور في شتى بقاع العالم، وكان له الفضل في اقتراح جملة من الآليات العاملة على إعادة إدماج الأطفال المشردين، وهي في المجمل آليات تشريعية وأخرى اجتماعية وثالثة تربوية تكوينية.
ويبدو من قراءة بنود هذه الاتفاقية الاهتمام الكبير الذي أصبح يحظى به الطفل، وهكذا نجد:
ـ ضمان الحماية والرعاية واتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة (مادة3).
عرفت جل المجتمعات وفي فترات مختلفة، ظهور أطفال يجوبون الشوارع والأحياء بحثاً عن لقمة العيش. إما برفقة آبائهم، أو منفردين، أحياناً يطلبون الشغل وأخرى يتسولون. إلا أن ماهو جديد اليوم، هو تسكع هؤلاء الأطفال في شكل جماعات لها ثقافتها وطقوسها، وأصبحوا يمثلون ظاهرة متميزة تكاد تكون خاصة بالمدن الكبرى، توصف بظاهرة " الأطفال المشردين" أو" أطفال الشوارع".
وقد رافق استفحال هذه الظاهرة، ازدياد الوعي البشري بمفهوم الطفولة وتنامي ثقافة كونية حول حقوق الإنسان والطفل، حيث إن العلم الحديث اهتم بمظاهر النمو الجسمية والعقلية والعاطفية، وتكرس شبه اتفاق بين العلوم الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية على اعتبار سن الطفولة ممتدة إلى حدود السادسة أو الثامنة عشرة من العمر، أي إلى حين تكامل مراحل النمو، وبالتالي بداية السن القانونية للشغل... .
وقد تبلور هذا الوعي بشكل شمولي في إطار اتفاقية حول حقوق الطفل تقر.
"بأن الطفل، كي تترعرع شخصيته بشكل كامل ومتناسق، ينبغي أن ينشأ في بيئة أسرية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم"(1).
إذن، من جهة هناك اهتمام متزايد بمرحلة الطفولة، ومن جهة ثانية استفحال ظــاهرة"أطفال الشوارع" التي تتخذ أحياناً مظاهر مأساوية تجمع بين الإهمال والتهميش والتشرد والتسكع بصفة منتظمة في الشوارع الخلفية للعواصم والمدن الكبرى، حيث يعتمد هؤلاء المشردون على أنفسهم في سد كل حاجاتهم اليومية، بدون أن يكون لهم عائل أو مأوى(2).
ولاتقتصر هذه الظاهرة على بلد معين، بل تشمل كل القارات، إنها تكثر في دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وتظهر بشكل أقل حدة في أوروبا واستراليا، وإجمالاًً فإن عدد هؤلاء الأطفال المشردين كان يتجاوز المائة مليون طفل في سنة 1996.
تبين لنا من التحليل السابق، أن ظاهرة الأطفال المشردين من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تميز النصف الثاني من القرن العشرين، وتبرز هذه الخطورة في:
ـ خصوصية الظاهرة وارتباطها بمرحلة محددة هي مرحلة الطفولة.
ـ حجم الظاهرة وامتداداتها الجغرافية التي تشمل دولاً عديدة في القارات الخمس.
ـ تعقد الظاهرة بتدخل عوامل موضوعية وذاتية.
وقد أفرزت هذه الظاهرة ردود فعل اجتماعية كثيرة، تتباين مواقفها بين السلبي والإيجابي فهناك:
الاتجاه السلبي
ويعبر عن وجهة نظر المتضررين المباشرين من هذه الظاهرة، وكذلك المستغلين للأطفال المشردين، وتقوم وجهة النظر عند هذا الاتجاه على ضرورة القيام بأعمال "تطهيرية" لتنظيف" المجتمع" من كل"العناصر المضرة" وقد ذهب أصحاب هذا الاتجاه بعيداً في تنفيذ وجهة نظرهم بالعمل على تنظيم مايسمى "بفيالق الموت"، وقد تم بالفعل الشروع في تنفيد مخططاتهم منذ أواسط الثمانينات باغتيال الأطفال المشردين، وبخاصة في شوارع مدن أمريكا اللاتينية، وانتقلت العدوى بعد ذلك إلى أوروبا لتطال المشردين الكبار في باريس ولندن مثلاً.
الاتجاه الإيجابي
ويعبر بالمقابل عن وجهة نظر ذات بعد إنساني شاركت في بلورتها جمعيات مختلفة ذات منحى ديني أو مدني مدعومة بأموال المنظمات غير الحكومية، كما التحقت بها بعد ذلك منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، وبعض المنظمات الإقليمية ( المجلس العربي للطفولة مثالاً) والجمعيات الحقوقية الدولية (منظمة العفو الدولية...).
وقد حاول هذا الاتجاه أن يبني أنشطته على استراتيجية ذات بعد إنساني، وتحاول مساعدة المتضررين بتقديم كل أشكال المساعدة الممكنة للخروج بهم من الوضعية الصعبة التي يوجدون فيها، ومحاولة إعادة إدماجهم من جديد في مجتمعاتهم الأصلية.
ويلاحظ أن الاتجاه الأول بدأ يضعف تحت تأثير الرأي العام والضمير الإنساني، بدون أن يختفي نهائياًً، في حين تعزز الاتجاه الثاني واستمر في نشاطه، وهو إن كان لم يصل إلى مرحلة القضاء على أسباب الظاهرة، ولم يحد من حجم انتشارها، فإنه على الأقل أسهم بشكل فعال في إثارة انتباه الرأي العالمي لخطورة الظاهرة والوعي بمشكلات الأطفال المشردين والأوساط التي ينحدرون منها.
وقد انصب عمل هذا الاتجاه على عدة واجهات، وبدأت عدة تجارب ترى النور في شتى بقاع العالم، وكان له الفضل في اقتراح جملة من الآليات العاملة على إعادة إدماج الأطفال المشردين، وهي في المجمل آليات تشريعية وأخرى اجتماعية وثالثة تربوية تكوينية.
ويبدو من قراءة بنود هذه الاتفاقية الاهتمام الكبير الذي أصبح يحظى به الطفل، وهكذا نجد:
ـ ضمان الحماية والرعاية واتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة (مادة3).